12-11-2025 10:09 AM
بقلم : امجد محمود احمد العواملة
منذ أكثر من خمسة وعشرين عامًا، لم يتزحزح موقف جلالة الملك عبدالله الثاني من القضية الفلسطينية قيد أنملة. فقد كرّس في خطابه السياسي لاءات ثلاثًا واضحة وصريحة: لا للتوطين، لا للوطن البديل، لا للتهجير. هذه اللاءات لم تكن مجرد شعارات، بل شكلت حجر الأساس في السياسة الأردنية تجاه القضية الفلسطينية، وضمانًا لهوية وطنية أردنية مستقلة ومحصّنة.
وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2024، جدّد الملك هذه اللاءات، مؤكدًا أن الأردن لن يكون ساحة لتصفية القضية الفلسطينية، ولن يقبل بأي مشروع يُفرّغ الفلسطينيين من حقهم في العودة، أو يُعيد تشكيل الأردن كبديل عن وطنهم التاريخي.
لكن ما يجري على الأرض لا يُعبّر عن هذا الحرص الملكي. فالممارسات الحكومية، من تغيير المناهج التعليمية، إلى تغييب الرموز الوطنية، إلى إدارة الإعلام بمنطق التجميل لا بمنطق الرسالة، تُثير تساؤلات جدية حول مدى التزام السلطة التنفيذية بترجمة هذه اللاءات إلى سياسات واقعية.
تناقض صارخ بين الخطاب والممارسة
• المناهج التعليمية تُفرّغ التاريخ من رموزه، وتُقصي مفاهيم المقاومة والانتماء، مما يُضعف الهوية الوطنية.
• الإعلام الرسمي يُدار بمنطق العلاقات العامة، ويُقصي الأصوات الوطنية التي تُعبّر عن وجدان الشعب.
• التمكين الانتقائي لفئات صغيرة لا يُمثّل العدالة، بل يُعيد تشكيل المشهد الثقافي والاجتماعي بعيدًا عن المزاج الشعبي.
أين الترجمة الفعلية للخطاب الملكي؟
إذا كانت اللاءات الثلاث هي الموقف الرسمي الأعلى، فلماذا لا تُترجم إلى سياسات تعليمية وإعلامية وثقافية؟
لماذا يُقصى الفنانون والمثقفون الذين يُدافعون عن الهوية الأردنية؟
لماذا يُروّج لمصطلحات مثل “الهوية الوطنية الجامعة” دون ضمانات واضحة تمنع استخدامها كغطاء لمشاريع التوطين؟
دعوة للاتساق الوطني
إن احترام خطاب الملك لا يكون بالتصفيق له، بل بترجمته إلى سياسات تُجسّد اللاءات الثلاث في كل مفصل من مفاصل الدولة.
فمن يُفرّط بالهوية، يُفرّط بالوطن.
ومن يُناقض الخطاب الملكي، يُضعف الموقف الأردني أمام العالم.
ومن يُقصي الأصوات الوطنية، يُقصي الشعب نفسه.
اللاءات الثلاث ليست ورقة سياسية، بل عقد وطني يجب أن تلتزم به الحكومة، وتُحاسب عليه مؤسسات الدولة.
أمجد العواملة – منتج
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-11-2025 10:09 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||