08-11-2025 08:46 AM
بقلم : الدكتور فارس العمارات
مثل قضية الهوية تحديًا محوريًا في العصر الرقمي داخل الفكر العربي، حيث أصبح سؤال "من نحن؟" معضلة شائكة يصعب الوصول فيها إلى إجابة شافية ،ويبقى هذا السؤال المتصل بمفهوم الهوية هاجسًا قائماً وإشكالية ممتدة، خاصة في ظل تركيز العديد من الدراسات الفلسفية المعاصرة، لا سيما العربية، على مواضيع تتعلق بالهوية وما يرتبط بها من مفاهيم الانتماء، التراث، والحداثة ، وينبع هذا الاهتمام من السعي لإيجاد موضع فعال للحضور العربي في الحاضر، مع حرص واضح على الإسهام في بناء الحضارة الإنسانية المعاصرة.
ويتولد عن هذا السعي تساؤلات عميقة حول مدى الارتباط بجذور تاريخية راسخة ضمن فضاء عربي يواجه تحديات كبرى، وفي عالمنا الرقمي اليوم، تواجه الهوية العربية تهديدات جديدة تقترن بظهور هويات افتراضية متباينة، إلى جانب استمرارها كشاهد على معارك الهيمنة وصراعات القوى ،وأمام هذا الواقع، تجد الهوية العربية نفسها تعود بشكل مستمر إلى أصولها التاريخية، محاولة استكشاف العلاقة بالماضي والتوفيق بين التمسك به أو تجاوزه ضمن سياق التحولات الراهنة ، ومن جهة أخرى، لا يمكن تجاهل التأثير المتزايد لهذه التحولات على مكونات الثقافة العربية من لغة، وتقاليد، وقيم فكرية.
و هذا الوضع يتطلب وقفة نقدية جادة لإعادة تقييم آثار هذه التحولات على الهوية العربية، خاصة في ظل نظام عالمي جديد تتصدره ثقافة الأقوى القادر على توجيه المشهد العام. ورغم تزايد الحديث عن الهوية العالمية وحقوق الإنسان، إلا أن البُعد السياسي والاقتصادي لهذه الرؤى يُظهر نوايا تصب غالبًا في مصلحة القوى الغربية، بما يعزز سياسات غير متوافقة مع تطلعات الشعوب العربية. يقف ذلك كعقبة أمام تحقيق مشروع نهضوي شامل يجسد تقدمًا اجتماعيًا واقتصاديًا وتكنولوجيًا حقيقياً. ومع انتشار التكنولوجيا والرقمنة ازدادت حدة التأثيرات الخارجية التي تضغط باتجاه تشكيل هوية عربية متجددة ومتنوعة،وهذا الواقع يطرح تساؤلات حول كيفية مواجهة هذه التحديات وحجم التحولات المطلوبة مع الحفاظ على التوازن بين القيم الراسخة والانفتاح على الجديد.
فمع تسارع التحول نحو الرقمنة، يعيش العالم العربي حالة انفتاح غير مسبوق على ثقافات وأفكار عالمية متنوعة. ورغم ما قد يوفره هذا الانفتاح من فرص للتفاعل مع مجتمعات أوسع وأغنى بالتجارب والأفكار، فإنه يحمل أيضًا تحديًا مباشرًا للهوية الثقافية والدينية التي طالما كانت محورًا ثابتًا للنسيج الاجتماعي العربي.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
08-11-2025 08:46 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||