بقلم : نضال أنور المجالي
​ في مدينة الكرك، قلعة الأردنيين الصامدة، يتجدد العهد وتتأكد المبادئ. لم يكن اللقاء الملكي الأخير في 2 تشرين الثاني 2025 مع وجهاء وأبناء المحافظة في مدينة الأمير فيصل الرياضية مجرد زيارة بروتوكولية، بل كان تجسيداً عملياً وفلسفياً لنهج الحكم الهاشمي القائم على التواضع المقرون بالإنجاز.
​إن المشهد الذي نلمسه في كل جولة ملكية، وخاصة في الكرك، هو مشهد القائد الذي لا يكتفي بالتقارير المرفوعة. إنه القائد الذي يجسد مبدأ: "عندما يمسك الملك القلم ويسجل كل صغيرة وكبيرة لم يكتفِ بقلم غيره". هذا التواضع هو قوة المتابعة، والضمانة بأن صوت الشعب سيتحول إلى خطط عمل على الأرض.
​ التواضع في الإصرار على "التنفيذ"
​إن جوهر الرسالة الملكية في هذا اللقاء، يكمن في التوجيه الحاسم للحكومة:
​"التخطيط الجيد دائماً مطلوب، لكن الأهم هو التنفيذ على الأرض".
​هذا القول، النابع من قلب القائد المتواضع الذي يلامس هموم شعبه عن كثب، يمثل إلزاماً بتحويل الوعود إلى واقع. فالتواضع الحقيقي للقيادة ليس في بساطة اللباس أو اللقاء، بل في تحمل مسؤولية متابعة أدق تفاصيل مشاريع التنمية.
​ الكرك: تحويل الأثر إلى استثمار
​ولأن عين القائد ترى الفرص التنموية التي تخدم المواطن مباشرة، جاءت التوجيهات لتشعل شرارة الاقتصاد المحلي:
​رافعة "تلفريك الكرك": في خطوة نوعية لتعزيز السياحة، أوعز جلالته للحكومة بالإسراع في إنشاء مشروع تلفريك الكرك. هذا المشروع، الذي تعهد رئيس الوزراء جعفر حسان باستكمال دراساته وبدء تنفيذه قريباً، لن يكون مجرد وسيلة نقل، بل رافعة اقتصادية تربط القلعة التاريخية بمسارات تنموية أوسع، وتوفر فرص عمل لأبناء المحافظة.
​إحياء المدينة القديمة: كما ثمن مكرم عمارين توجيهات جلالته لإعادة إحياء مدينة الكرك القديمة وتطوير منطقتي وادي بن حماد والموجب. وهي مبادرات تؤكد أن التنمية الملكية تستهدف الحفاظ على هوية المكان وفي الوقت ذاته إثرائه اقتصادياً وثقافياً.
​هذه المشاريع ليست إلا نقاطاً مسجلة في "مفكرة الملك"، تتوالى على ضوئها المتابعة الحكومية، كما بيّن رئيس الديوان الملكي الهاشمي يوسف حسن العيسوي باستعراض المبادرات الملكية التي تجاوزت 50 مليون دينار منذ عام 2006.
​الأردن القوي في صوت مسموع
​لم ينسَ القائد أن يضع التنمية المحلية في سياق التحديات الإقليمية. فالتواضع لا يعني ضعفاً، بل هو أساس القوة. وقد أكد جلالته أن جولات العمل الدولية، رغم متاعبها، مهمة جداً لأنها ركزت على حماية مصالح الأردن والدفاع عن الأمة، وأن "صوت الأردن دائماً مسموع".
​ورسالة القوة كانت واضحة:
​"الأردن القوي هو القادر على مواجهة أي خطر، وبهمتكم".
​هي دعوة للتكاتف، تؤكد أن قوة الدولة الهاشمية تستمد من تلاحمها ومن إخلاص أبنائها:
​المتقاعدون العسكريون الأوفياء (كما أكد اللواء الركن المتقاعد فلاح العضايلة).
​المزارعون الذين يتم دعمهم بخطط تنموية (كما أشار الشيخ عصمت المجالي).
​النساء الرائدات اللاتي يقمن بمبادرات إنتاجية (كما أوضحت إسراء المحادين).
​إن زيارة الكرك هي فصل جديد في كتاب التواضع الملكي؛ تواضع يقود إلى العمل الميداني والحرص على التفاصيل، تواضع يثبت أن عرش القائد الحقيقي هو بين أبناء شعبه، حيث يمسك القلم بنفسه ويسجل الأولوية لـ "التنفيذ على الأرض".
​حفظ الله الاردن والهاشمين
الكاتب نضال انور المجالي