02-11-2025 08:37 AM
بقلم : د.م أيمن الخزاعلة
في ظل التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجه الأردن، تتجه الحكومة إلى التركيز على مشاريع سياحية بارزة مثل التلفريك القائم في عجلون، والمقترح في جبل القلعة، ومشاريع أخرى في الكرك، في محاولة لتسويق نفسها على أنها تحقق إنجازات نوعية تدعم التنمية الاقتصادية. لا شك أن هذه المشاريع السياحية لها أهمية في تعزيز قطاع السياحة، الذي يُعد رافدًا اقتصاديًا مهمًا، إلا أن واقع الحال يشير إلى أن هذه الجهود تظل محدودة الأثر، ولا تكفي لوحدها لتحقيق نقلة حقيقية في الاقتصاد الوطني.
الأردن يعاني من أزمات متفاقمة مثل ارتفاع معدلات البطالة التي بلغت نحو 24% في عام 2024، مع ارتفاع نسب البطالة بين الشباب لتتجاوز 35%. كما يشهد الاقتصاد نموًا بطيئًا بحدود 2% سنويًا، وهو معدل غير كافٍ لاستيعاب أعداد الخريجين الجدد أو تحسين مستوى معيشة المواطنين، خاصة في ظل الأعباء المالية الكبيرة المتمثلة بارتفاع نسبة المديونية الوطنية. هذه المؤشرات تؤكد أن الاعتماد على مشاريع سياحية مثل التلفريك، رغم قيمتها، لن يكون كافيًا لمعالجة جذور الأزمة الاقتصادية.
الواقع أن الحكومة تميل إلى استعراض نسب نمو أو تشغيل بعيدة عن الواقع، في محاولة لتجميل صورتها عبر "إنجازات وهمية" لا تنعكس على أرض الواقع. هذا التلاعب بالأرقام يفاقم إحباط المواطنين الذين لا يرون أثرًا حقيقيًا لتحسين مستوى حياتهم أو تقليل البطالة، مما يضعف الثقة في السياسات الحكومية ويعمق الشعور بالخذلان.
على العكس، تُظهر التجارب الإقليمية في دول مثل الإمارات وقطر أهمية توجيه الاستثمارات نحو القطاعات الصناعية والتكنولوجية المتقدمة، حيث حققت تلك الدول معدلات نمو مرتفعة وخلق فرص عمل نوعية، مما يعزز اقتصادها ويضمن استدامته. في المقابل، يعاني الأردن من بيروقراطية معقدة وضعف في البنية التحتية وعدم وضوح في السياسات الاقتصادية، ما يقلل من جاذبية الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ويحد من فرص تحقيق تنمية مستدامة.
لذا، من الضروري أن تُعاد صياغة الاستراتيجية التنموية الأردنية لتتمحور حول جذب استثمارات رأسمالية ضخمة ذات جدوى اقتصادية حقيقية، ترتكز على تطوير البنية التحتية الصناعية والتقنية، ودعم الصادرات، وخلق فرص عمل مستدامة تُسهم في تحسين المؤشرات الاقتصادية والمالية، وتخفف من أعباء المديونية والبطالة. مشاريع مثل التلفريك يجب أن تكون جزءًا تكميليًا ضمن هذه الاستراتيجية الشاملة، لا مجرد واجهة إعلامية تهدف إلى التجميل فقط.
في الختام، التنمية الحقيقية هي التي تترك أثرًا ملموسًا يشعر به المواطن في حياته اليومية، سواء عبر فرص العمل، أو مستوى الدخل، أو الاستقرار الاقتصادي، وليس تلك التي تُختزل في مشاريع سياحية معزولة عن الاقتصاد الوطني. على الحكومة أن تضع الاستثمار الحقيقي والنمو الاقتصادي المستدام في صدارة أولوياتها، وأن تكف عن استخدام الأرقام بطريقة انتقائية لتسويق إنجازات وهمية لا تغني المواطن ولا تغير واقعه.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-11-2025 08:37 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||