حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,1 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5792

محمد علي الزعبي يكتب: المدينة الجديدة .. بين فكر الملقي وأطروحة الرفاعي

محمد علي الزعبي يكتب: المدينة الجديدة .. بين فكر الملقي وأطروحة الرفاعي

محمد علي الزعبي يكتب: المدينة الجديدة ..  بين فكر الملقي وأطروحة الرفاعي

30-10-2025 05:01 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد علي الزعبي
فكرة "المدينة الجديدة" لم تولد من فراغ، ولم تكن اجتهادًا عابرًا لحكومة بعينها، بل هي ثمرة تفكير استراتيجي متكامل بدأ في عهد حكومة الدكتور المهندس هاني الملقي، الذي تعامل مع المشروع بعقلية المهندس قبل السياسي، واضعًا الأساس الفني والمخططات الأولية، مستندًا إلى رؤية شمولية تستهدف تنمية الاقتصاد الوطني وتحقيق التوازن الديموغرافي والوظيفي بين المحافظات.
رؤية الملقي لم تكن محصورة في إنشاء مدينة واحدة، بل جاءت ضمن تصور وطني متكامل لتوزيع مراكز النمو: مدينة جديدة في الشمال، وميناء بري في الوسط، ومقصد سياحي وتنموي في الجنوب.

وفي عهد حكومة الدكتور بشر الخصاونة، جرى تطوير البنية التحتية للمدينة وتوسيع المخططات التخطيطية، ما عزز استمرارية المشروع ضمن نهج مؤسسي قائم على البناء التراكمي والتخطيط المدروس لحكومة الملقي.

وبحسب ما اطلعت عليه من مصادر فنية وهندسية عميقة ومختصة، فإن اختيار الموقع من قبل حكومة الملقي لم يكن ترفًا سياسيًا أو اجتهادًا شخصيًا، بل نتيجة دراسات علمية دقيقة أجرتها كبريات الشركات العالمية المتخصصة، راعت الأبعاد الهندسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وقيّمت معايير السلامة العامة واقتصاديات الأسر، وسهولة الوصول إلى المراكز الحيوية، وقدرة البنية التحتية على التوسع والتكامل مع منظومة النقل واللوجستيات الوطنية.

خلصت تلك الدراسات إلى أن الزرقاء، وتحديدًا منطقة الماضونة، هي الأنسب من الناحية الفنية والجغرافية، كونها تمثل نقطة توازن بين المحافظات، وموقعًا قادرًا على استيعاب الأنشطة الاستثمارية والاقتصادية، وخلق فرص عمل مستدامة، ضمن معايير دقيقة للتكامل الاقتصادي والاجتماعي.

أما الجنوب الأردني، فقد أظهرت دراسات حكومة الملقي أن دوره التنموي يجب أن يتركّز في تمكين المركز السياحي والاقتصادي في العقبة، وتعزيز الوظيفة اللوجستية لمعان من خلال مشروع الميناء البري، وهو ما يمنح الجنوب هوية اقتصادية متكاملة مع بقية الأقاليم، دون الحاجة إلى تكرار نموذج المدينة الجديدة في أكثر من موقع.

إن النظرة التطويرية الحقيقية يجب أن تبقى شمولية وعادلة لكل الأردن، بحيث لا تُختزل التنمية في مشروع واحد أو محافظة بعينها، بل تُبنى على ميزان العدالة المكانية والإمكانات النسبية، ضمن مخطط وطني شامل وممنهج.

وبين فكر الملقي وأطروحة الدكتور سمير الرفاعي، تتضح الفوارق في المنهج والرؤية؛
الملقي انطلق من دراسات واقعية ومعطيات هندسية دقيقة، فكانت الماضونة خيارًا عمليًا ومنطقيًا يعزز الاقتصاد الوطني، بينما جاءت أطروحة الرفاعي باقتراح القطرانة كموقع بديل تحمل طموحًا فكريًا مشروعًا، لكنها تبقى أقل واقعية من الناحية الفنية واللوجستية، إذ تفتقر إلى مقومات الاستدامة التي تمنح المشروع توازنه الاقتصادي والاجتماعي.

ومع أن رؤية دولة سمير الرفاعي تُحترم وتُقدّر لما تحمله من حرص واهتمام بالمستقبل، إلا أن ضرورة التنمية تتطلب شمولية التخطيط وتحقيق التوازن والعدالة والرؤية المستقبلية للاقتصاد الوطني، على أسس ومعطيات حقيقية تستند إلى دراسات عميقة، لا إلى الانطباعات أو الرغبات.

وعليه، تبقى الماضونة الخيار الأكثر اتزانًا وواقعية، والأقدر على تحقيق رؤية الدولة في بناء مدينة حديثة تشكّل رافعة تنموية، وتعزز فرص الاستثمار، وتؤسس لجغرافيا جديدة من العدالة والنمو والازدهار.











طباعة
  • المشاهدات: 5792
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
30-10-2025 05:01 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تنجح "إسرائيل" بنزع سلاح حماس كما توعد نتنياهو رغم اتفاق وقف الحرب بغزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم