29-10-2025 08:20 PM
سرايا - يجتمع الاحتياطي الفيدرالي اليوم، الأربعاء 29 أكتوبر 2025 في لحظة مفصلية تشهد تباطؤا ملحوظا في سوق العمل، ومعدلات تضخم لا تزال مرتفعة، وهو ما قد يحد من النبرة التسهيلية المتوقعة.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يقدم الفيدرالي على خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس اليوم. لكن الأهم من الخفض نفسه، هو تزايد الإشارات حول اقتراب إنهاء برنامج "تشديد الميزانية" (QT)، الذي بدأ عام 2022 لتقليص الميزانية العمومية التاريخية التي تراكمت بعد جائحة كوفيد-19.
لماذا يتجه الفيدرالي للتيسير الحذر؟ على الرغم من أن التضخم لا يزال مرتفعا، إلا أن عدة عوامل تدفع الفيدرالي نحو خفض الفائدة اليوم:
تباطؤ الوظائف: تظهر المؤشرات الخاصة (مثل تقارير التوظيف غير الحكومية ومسوح الشركات) ضعفا واضحا في خلق الوظائف، خصوصا خارج قطاع الرعاية الصحية القوي.
التضخم "أقل حدة": يستقر التضخم الأساسي (Core Inflation) حول 3% على أساس سنوي. والأهم أن ارتفاعه الشهري الأخير كان 0.2% فقط، مما يعني عدم وجود عائق حالي أمام مزيد من "التيسير الحذر".
لغز الميزانية: من التشديد (QT) إلى الإدارة منذ عام 2022، عكس الفيدرالي مساره من "التيسير الكمي" (QE) إلى "التشديد الكمي" (QT)، حيث ترك جزءا من السندات التي اشتراها سابقا (والتي قاربت 9 تريليونات دولار) تستحق دون إعادة شراء.
وأدى ذلك إلى انكماش الأصول بحوالي 2.2 تريليون دولار.
اليوم، يبدو أن الفيدرالي يتعمد إبطاء وتيرة هذا الانكماش، في مشهد يشبه "العبارة التي تبطئ قبل الرسو".
الهدف هو الوصول إلى مستوى احتياطيات كافية دون الوقوع في "فخ نقص السيولة" الذي أحدث اضطرابا في الأسواق عام 2019.
أين تقف السيولة الآن؟ تقدر احتياطيات البنوك لدى الفيدرالي بنحو 10% من الناتج المحلي الاسمي، وهي نسبة لا تزال أعلى من مستوى 6.5% الذي تزامن مع اضطراب 2019.
تم رصد ارتفاع طفيف في معدلات أسواق النقد، وهو ما يعد "إشارة إنذار مبكرة" تدعم فكرة إنهاء التشديد الكمي (QT) قريبا لتجنب شح في التمويل.
ما الذي قد يعلنه الفيدرالي بشأن الميزانية؟ من المرجح أن نشهد تحولا تقنيا دقيقا:
السندات المدعومة بالرهن العقاري (MBS): سيستمر الفيدرالي في عدم إعادة استثمار المبالغ التي يستردها من أقساط القروض الخاصة بهذه السندات (وهو ما يقلص الميزانية ويعتبر تشديدا نقديا QT).
التحول إلى أذون الخزانة (T-Bills): لكن الجديد، هو أنه قد يبدأ بـ "إعادة استثمار" هذه التدفقات النقدية (من الـ MBS) في "أذون خزانة قصيرة الأجل".
الخلاصة: إن اشترى الفيدرالي أذونا قصيرة، فغرضه هو "إدارة السلاسة التشغيلية" للسيولة، وليس "تحفيز الاقتصاد" عبر خفض عوائد السندات طويلة الأجل.
لكن، يجب الحذر، فكثير من المستثمرين قد يقرأون أي زيادة في الميزانية (حتى لو كانت تقنية) على أنها "تيسير" ودعم للأسهم، حتى لو نفى الفيدرالي ذلك.
الانقسام الداخلي ولغة جيروم باول من المرجح أن يتم خفض الفائدة بـ 25 نقطة أساس، لكن القرار قد لا يمر بالإجماع.
فهناك احتمال لاعتراض من العضو "ستيفن ميران" لصالح خفض أكبر (50 نقطة)، بينما يتحفظ رؤساء فروع آخرون (مثل لوغان، هاماك، وشمد) على وتيرة الخفض.
سيحاول رئيس الفيدرالي "جيروم باول" السير على حبل مشدود: سيلقي بنبرة حذرة، ولن يقدم وعودا ملزمة، وسيحاول ترك باب اجتماع ديسمبر مفتوحا.
لكن، سيكون هناك انحياز واضح "لإسناد النمو" الاقتصادي إذا تأكد ضعف بيانات الوظائف.
التأثير المتوقع على الأسواق (الأسهم والذهب) أولا: الأسهم (المفارقة الكبرى) هناك مفارقة: الفائدة المنخفضة عادة تدعم الأسهم، لكن انكماش السيولة (استمرار الـ QT) يقيد شهية المخاطرة.
قناة السيولة (سلبية): كل دولار يتم سحبه عبر الـ QT (من الـ MBS) يعني قدرة أقل على التمويل لدى المؤسسات وصناديق التحوط (أكبر المشترين)، مما يمثل ضغطا بيعيا على مؤشرات مثل ناسداك وS&P 500.
قناة التقييمات (متوازنة): خفض الفائدة يرفع القيمة النظرية للأسهم، لكن تشديد السيولة يقلص المضاعف السعري (P/E). الأثر قد يكون متوازنا إذا بقي التشديد محدودا (أقل من 5 مليار دولار شهريا كما أعلن الفيدرالي).
قناة الثقة (إيجابية): المستثمرون يتفاعلون مع الرمزية. "مجرد تلميح" بنهاية الـ QT قد يفسر كتغيير في المزاج نحو التيسير، مما يؤدي لارتفاع الأسهم (كما حدث في 2019 و 2023).
نصيحة التحليل للأسهم: ينصح باستغلال أي هبوط فني في مؤشرات مثل S&P أو Nasdaq للشراء التدريجي "قبل" عودة السيولة الفعلية.
ثانيا: الذهب (تراجع قصير الأجل.. وصعود طويل الأجل) يتأثر الذهب بقوتين متعاكستين:
(سلبيا على المدى القصير): استمرار تقليص الميزانية (QT) يعني انكماشا في كمية الدولارات، مما يدعم قيمة الدولار مؤقتا ويضغط على الذهب.
(إيجابيا على المدى الطويل): بمجرد توقف الـ QT وبدء خفض الفائدة، تتراجع "العوائد الحقيقية" (العائد الاسمي مطروحا منه التضخم). وكلما انخفض العائد الحقيقي، أصبح الذهب (الذي لا يدر عائدا) أكثر جاذبية.
الخلاصة للذهب: نتوقع تراجعا مؤقتا للذهب أثناء استمرار تقليص الموازنة بسبب انكماش السيولة، ثم موجة صعود قوية بمجرد الإعلان الرسمي لنهاية الـ QT، حيث يتحول الذهب للارتفاع كتحوط ضد ضعف الدولار.
التحليل الفني للذهب: بالنظر إلى الرسم البياني، نلاحظ أن تراجع أسعار الذهب إلى مستويات 3886 دولارا لم يتبعه إغلاق سلبي، واستقرت الأسعار أعلى المتوسط المتحرك 200 على الإطار الزمني (4 ساعات)، مما يقلل الضغوط البيعية على المدى القصير.
حاليا، يسيطر الترقب. الضغط البيعي سيستمر طالما استقرت الأسعار أسفل مناطق المقاومة (FVG) عند مستويات 4050، 4089، و 4150 دولارا.
شرط مواصلة الارتفاع هو تجاوز هذه المستويات، وإلا فإن الموجة التصحيحية الهابطة ستستمر.
التوقع على المدى المتوسط: المزيد من الهبوط التصحيحي في حال استقرت الأسعار أسفل المتوسط المتحرك 200 (تحت مستوى 3933$)، باستهداف مستوى الدعم الأول 3830$.
نصيحة للمستثمرين (طويل الأجل): ينصح باستغلال التراجعات القوية للشراء، باستهداف مستويات 5000$ خلال عام 2026.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-10-2025 08:20 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||