26-10-2025 02:35 PM
بقلم : عقيد متقاعد محمد الخطيب
تلك اللحظة التي نطق فيها جلالة الملك عبدالله الثاني بكلماته الصادقة عن ابنه الحسين، لم تكن خطابا سياسيا، بل مشهدا إنسانيا خالصا؛ لحظةً تجلّى فيها الفخر في عيون الأب، والولاء في دمعة الابن.
حين قال الملك: "الحسين، ابني وابنكم، جندي لهذا الوطن"، لم يكن يصف شخصا، بل يرسم مبدأً هاشميا متجذرا في وجدان القيادة الأردنية: أن تكون القامة العالية قريبة من الأرض، وأن يكون القائد واحدا من جنده، لا فوقهم.
كانت تلك الدمعة التي كادت أن تسقط من عيني ولي العهد أصدق من كل الخطب. دمعة فخرٍ ووفاءٍ وانتماء، دمعة ابنٍ يرى في أبيه قدوته، وقائدٍ يرى في ابنه الامتداد الحقيقي لرسالة الوطن. إنها دمعة الأردن، حيث لا تُفصل العاطفة عن الواجب، ولا الانتماء عن العمل، وحيث يتربى القادة على أن يكونوا أبناء الشعب قبل أن يكونوا ملوكه.
في تلك اللحظة، تجلت التربية الهاشمية في أبهى صورها: تربية القرب من الناس، والوقوف إلى جانب الجندي لا أمامه، والمشاركة في الهمّ قبل إصدار الأوامر. ومن رحم هذه القيم وُلدت دولةٌ لا تشبه إلا نفسها، دولةٌ تقف شامخة رغم كل ما يحيط بها، لأن أساسها ثابت في قلوب أبنائها.
لكن، يتساءل البعض: كيف يشعر الملك؟ أيقلق الملك؟
نعم، يقلق الملك. لأن القائد الحقيقي لا ينام مطمئنا إلا على وطنٍ مطمئن. غير أنه لا يخاف إلا الله، ولا يهاب شيئًا وفي ظهره "أردني". فذلك الأردني، الجندي والفلاح والمعلم والطبيب، هو السند والدرع، هو من يجعل الملك قويا بوطنه، مطمئنا بشعبه.
قالها القائد بصدق: الملك لا يخاف لأن في ظهره جيشا عربيا مصطفويا، رجاله من طين هذا الوطن، عيونهم على الحدود وقلوبهم على الناس."
ولا يقلق لأن في مقدمة الصفوف شعبا يعرف معنى الثبات، شعبا اختبر الأزمات وخرج منها أصلب من الصوان، شعبا كلما ضاق عليه الحال قالها بثقة لا تهتز: الله، الوطن، الملك.
ليست هذه الكلمات شعارا يُرفع على الجدران، بل عقد ولاءٍ مقدّس بين القائد وأبناء وطنه، بين الدمعة والقلق، بين الفخر والمسؤولية. فحين يبكي القائدُ وطنه، ويقلق من أجله، فاعلم أن الوطن بخير.
إنها حكاية وطن لا يخاف، قلبه نابض بالوفاء، ودمه من سلالة الشرف، وكلما ذرفت عينُ الحسين دمعة، ازداد الأردنُّ فخرا، وكلما قلِقَ الملك، نام الوطن آمنا في قلبه
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-10-2025 02:35 PM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||