23-10-2025 08:39 AM
بقلم : الصيدلي عدوان قشمر نوفل
تاريخ غزه ليس مجردصفحات من الماضي بل هو سجل نضال وصمود اسطوري فريد من نوعه.
كانت غزة منذ القدم بوابة الشام الجنوبية بين مصر والحجاز وبلاد الشام.
قاد الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه جيوش المسلمين من العريش نحو فلسطين، وفي الطريق مرَّ على غزة ففتحها، فكانت أول مدينة في فلسطين تدخل في الدولة الإسلامية.
ومنذ ذلك الحين أصبحت غزة قاعدة متقدمة للجيوش الإسلامية في معاركها ضد الروم البيزنطيين.
مع قيام الدولة الأموية ازدهرت غزة، وأصبحت محطة رئيسية على طريق التجارة والحج، وقاعدة للجنود المرابطين. لم تكن آنذاك ساحة حرب، بل مركز استقرار وازدهار علمي واقتصادي.
لكن في العصور اللاحقة، وخصوصًا في عهد الخلافة العباسية، تعرّضت فلسطين عمومًا لهزّات بسبب الثورات والفتن، مثل ثورات القرامطة الذين شنّوا غارات على مدن الشام ومنها غزة، فعادت المدينة تذوق طعم القتال بعد قرون من الهدوء.
خلال الحروب الصليبية كانت غزة من أوائل المدن التي استهدفها الصليبيون بعد استيلائهم على القدس سنة 1099م، فاحتلوها سنة 1100م.
لكن الناصر صلاح الدين الأيوبي استعادها سنة 1187م بعد معركة حطين وتحرير القدس، وأعادها إلى الحكم الإسلامي.
وقد حاول الصليبيون بعدها عدة مرات السيطرة عليها، لكنهم فشلوا.
في العصر المملوكي (1250–1517م) كانت غزة خط دفاعٍ متقدّم ضد هجمات المغول والتتار، خصوصًا بعد سقوط بغداد سنة 1258م.
وبعد معركة عين جالوت سنة 1260م، أصبحت غزة قاعدة متقدمة لحماية الحدود الجنوبية من المغول والصليبيين.
في العهد العثماني (منذ 1517م) انضمّت غزة سلميًا إلى الدولة العثمانية بعد معركة مرج دابق سنة 1516م، ولم تتعرض لغزوات كبرى خلال الحكم العثماني.
شهدت المدينة معركة غزة الأولى سنة 1917م بين العثمانيين والإنجليز خلال الحرب العالمية الأولى، وكانت آخر معركة كبرى في ظل الحكم العثماني، قبل أن تسقط فلسطين بيد البريطانيين.
في أثناء الحرب العالمية الأولى (1914–1918م) احتلت القوات البريطانية كل فلسطين بعد معارك مع العثمانيين، ومنحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين سنة 1920م.
استمر الانتداب البريطاني حتى 1948م، حيث قامت الدولة العبرية واستولت على معظم أرض فلسطين.
بعد حرب 1967م احتلت إسرائيل قطاع غزة، وتصاعدت المقاومة الفلسطينية التي لم تتوقف منذ عام 1948م.
كانت المقاومة تسيطر على غزة ليلاً، بينما يحتلها العدو نهارًا، حتى اضطر الاحتلال إلى مغادرة غزة سنة 2005م، وسحب قواته والمستوطنين منها، لكنه فرض عليها حصارًا خانقًا من الخارج لا يزال مستمرًا حتى اليوم.
منذ عام 2005، ازدادت وتيرة المقاومة، وخاضت غزة عدّة معارك كبرى مع الاحتلال، لم يحقق فيها أي نصر حقيقي.
وأحدثها المعركة التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023 وما زالت مستمرة حتى الآن.
ورغم التدمير الهائل والإبادة الجماعية والحصار والجوع، ما زالت غزة صامدة وأهلها ثابتون، والمقاومة بخير.
لم يسجّل التاريخ أن بلدًا صغيرًا كغزة حاربها العالم بأسره، ولم تَنكسِر رايتها.
وفي النهاية، اجتمع العالم كله ليحاول عقد اتفاق معها.
فما أعظمكِ وما أكبركِ يا غزة العزّة!
صغيرةٌ في المساحة، عظيمةٌ في التأثير،
صوتكِ دوّى في أرجاء العالم، ومعركتكِ ما زالت تتدحرج وتغيّر وجه التاريخ.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-10-2025 08:39 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||