حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,22 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 31124

من زعيم هوشات إلى باحث .. طالب سابق تم فصله يكشف كيف تصنع الجامعات "زعرانًا وبلطجية" بدل القادة

من زعيم هوشات إلى باحث .. طالب سابق تم فصله يكشف كيف تصنع الجامعات "زعرانًا وبلطجية" بدل القادة

من زعيم هوشات إلى باحث ..  طالب سابق تم فصله يكشف كيف تصنع الجامعات "زعرانًا وبلطجية" بدل القادة

22-10-2025 09:01 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - نشر الباحث في الدراسات الثقافية علي عبيدات عبر صفحته الشخصية على موقع "فيسبوك" شهادة مطوّلة حملت عنوان "شهادتي على العنف الجامعي"، قدّم فيها رواية صريحة عن تجربته الشخصية في جامعة اليرموك حين كان طالبًا مفصولًا بسبب مشاركته في مشاجرات وأعمال عنف داخل الحرم الجامعي.


عبيدات، الذي أصبح اليوم باحثًا ومترجمًا في الدراسات الثقافية، وجّه من خلال شهادته رسالة عميقة إلى طلبة الجامعات الأردنية وإداراتها، داعيًا إلى مراجعة بيئة التعليم الجامعي، ومعالجة جذور العنف الطلابي عبر برامج تأهيلية جادة، وإعادة النظر في أداء عمادات شؤون الطلبة.

وفيما يلي نص ما كتبه عبيدات كاملًا كما نشره عبر صفحته ورصدته سرايا:


شهادتي على العنف الجامعي باعتباري مفصول سابقا وهي رسالة لأولادنا في الجامعات ولعمداء شؤون الطلبة تحديدا

فُصلتُ من جامعة اليرموك بسبب الدعوة للتجمهر وحمل الهروات والأسلحة البيضاء وتنظيم وقيادة مشاجرة عطلت سير العملية التعليمية وأرعبت الطلاب والطالبات، كذلك إلحاق الضرر بممتلكات الجامعة ومحيطها، الأمر الذي يسيء لصورة الجامعة محليا ودوليا، وفصلت لعامين دراسيين. وقبلها استدعيت لمحافظ إربد وتم توقيفي بسبب تنظيم تجمهر وخطبة على درج الرئاسة ومحاولة الاعتداء على ..... الجامعة وإتلاف ممتلكات في المبنى، وكذلك وجهت لي عقوبات الإنذار الأول والثاني والثالث المشدد وتنبيهات كثيرة ثم فُصلت لعامين وأخذت جزائي الذي قبلته وتحملته.
لماذا فعلت هذا كله؟
كنتُ متحدثًا (شيخ) تكتلين كبيرين، لا أذكر عدد المشاجرات الفردية والجماعية، ولدوافع الشيخة كنت أنزل للميدان مع المحاربين وأمارس الشيخة المتوهمة بيدي، كانت لغة التعالي سيدة الموقف مع الأستاذ والطالب والموظف، كان الأمن الجامعي حولي دائما لأنني حين أكون مع جماعتي تكون فرصة اشتعال أي موقف قوية جدا.
لنحلل معا سبب هذا كله وكيف تتخلص منه، حين دخلت الجامعة سألت عن المكتبة والمسرح، كنت متأملًا هادئا في اليوم الأول فقط، فوجئت أن الدفعة التي أنا منها تم رفض قبولها (القادمون من جامعات أخرى) فذهبت لأسأل وقال لي الموظف (مرفوضين راجع الرئاسة) للأسف راجعت الرئاسة بالمعنى الحرفي وانتهى الأمر بالشرطة، نظمت تجمهرا وشغبا على باب الرئاسة واعتديت على أشخاص وأثاث، قال لنا نائب رئيس حينها (اخذوا باص وروحوا اشتغلوا بمدينة الحسن) ورددت عليه بما لا يمكن قوله هنا، قولا وفعلا.
التقطني بعض قادة الشارع الطلابي، اه علي الذي ضرب فلان وكسر كذا، اعطوني أكبر من حجمي وعززوا الغرور الإنساني لولد أتم الثامنة عشرة حديثا، قالوا لي فلان يسأل عنك، كان اسما مهما في جامعة اليرموك، كان شخصية آسرة وتخرج قديما لكنه ما زال كبيرًا ومؤثرًا، قال لي: يا علي أنا بقسم الشباب حسب قدراتهم، اشي للعلاقات لأنه حليوه وبجيب اصوات البنات، واشي للدبلوماسية عشان يفاوض التكتلات الثانية بالانتخابات، بس انته يا علي أنا شايلك لـ كذا.
أطلق علي لقب قائد الجناح العسكري للهوشات، وكنت أول سنفور في الجامعة يمضي الطريق برد التحيات من كلية لكلية، تعرفت على شخصيات دسمة في الشارع الطلابي كلهم أكبر مني وكانوا في زمنهم أساطير، كبير إربد، كبير عجلون، كبير الرمثا، كبير الكورة، كبير الطيبة، كبير بني حسن، كبير العمرية، كبير البطاينة، كلهم كبار وأنا دخلت نادي العتاولة، وللأمانة ليس بينهم أي سيء، لكنهم مثلي جاءوا من بيئات قاسية وتعرضوا للظلم المفترض ويملكون صفات قيادية مهمة كانت بحاجة لمن يتبناها ويوجهها للمنطق والبناء والتغيير الإيجابي.
لقد كنا تائهون، نحن الذين يسموننا كبارا (زعماء) وربما يستغرب من يقرأ أننا كنا مثقفون، وحين نسهر نتحدث بعمق لكن في الصباح نمسك العصي ونشق الرؤوس ونكسر زجاج مبانٍ سرايا ونطرد أستاذا من القاعة، كنت مثلا أصدر قرارا أن الطالب فلان ممنوع أن يدخل كلية الآداب، ولا يدخل! كنت ألبس الشماغ العراقي وألفه لفة سائق شاحنة، ألبس بسطارا، وأمارس أقسى أنواع التغطرس، هذا بسبب الوحدة، بسبب عدم التفريغ، كانت الجامعة بلا سياسة نهائيا، إلا الإخوان المسلمون، وكنت أعاديهم لأسباب معرفية لكنني لا أجرؤ أن أذكرها خوفا من أن يقول عني جماعتي مثقف وسياسي فقد كان هذا عيبًا. لقد فعلت كل أنواع الخطايا إلا واحدة فقط ربما بدوافع الفطرة، لم أدخل في سياق فلسطيني أردني نهائيا.
عقوبات ومخالفات ومشاجرات وشهرة طبعا، كانت البنات يخفن مني وهذه واحدة من الخسارات (راح علي كثير) وكنت أحب بنتًا من خارج الجامعة ( أم بناتي الآن)، وسط كل هذا الضياع وبعد أن بلغت مبلغا عظيماً من العنف وقيادة التجمهرات، جاء حدثان كبيران، الأول دم كثير في كلية الآداب وإصابات بليغة، الثاني دم أكثر وإغلاق للجامعة في كلية الاقتصاد، وهنا ردت الجامعة ردها الذي يكسر العظم، قال لي رئيس لجنة التحقيق:" هاي الهوشة رقم ٢٣ يا علي! انتهى الموضوع" ومهد لي أن القرار القادم نهائي وقاسٍ، سألته سؤالا واحدًا :" ليش سكتوا عني وعن الي مثلي كثير؟". لم يجب.
أمضيت سنوات الفصل في العمل الذي كنت أعمله أصلا في مطاعم ومقاهي إربد، وحين عدت للجامعة أرسل الله لي من يجيدون التعامل معي، حين عدت كنت لم أعالج الغضب الذي يصيبني فجأة، ووجدت نفسي مفصولا أيضا من التخصص وذهبت لتخصص أدنى. كيف سأقنع الناس أنني أريد أن أتغير؟ الأساتذة يرمقونني بنظرات الريبة، الطلاب ما زالوا يحدثونني بصفة البطل، لكنني طردتهم جميعا واشتريت حقيبة للكتب وبدأت أحضر المحاضرات والغضب ما زال ساكنا، أحاول كسب ثقة الأساتذة، ضربت طالبا داس رجلي فسقط عن حافة، واجتمع الرفاق بانتظار آكشن جديد وكلهم تحت التصرف، فاعتذرت منهم وطلبت منهم الذهاب لدروسهم. لأنني مللت من أن أكون جزءًا من تفريغ كبت جيل كامل يشعر بالفراغ ولا أحد يسمعه.
دخلت قسم اللغة الفارسية، يسر الله لي أستاذًا اسمه نور القضاة من عجلون، تفرس بي وانتبه لرغبتي الصادقة في التعلم، فأخذ بيدي، كان يجلسني في مكتبه ويعلمني كيف أكون إنسانا طبيعيا، كان رحمانيًا طيبًا وأحترمه جدا، كنت حين ألمحه في الساحة أرمي سيجارتي، حين أمشي معه أتخلف عنه خطوتين. إنه شيخي نور القضاة الذي أخذ بيدي من الظلام إلى النور. كم نور قضاة في جامعاتنا؟ كم عليًا يبحث عن النور؟
كنت بحاجة إلى وقار المعلمين، وجدتهم، يوسف بكار، عارف الزغول العجلوني الجبلي الشاهق، عبد الكريم جرادات النبيل الراقي، كذلك أصدقاء ناضجون، مصعب قسايمة وخالد عكور ومحمد سوالمة. صارت الدنيا أكثر هدوءًا. جامعة يعني أن تتعلم، تخرجت من الجامعة وصرت متخصصا بالشؤون الإيرانية ومترجما عن الفارسية وعملت وأعمل مع جهات يحتاج المرئ عمرا طويلا ليصلهم.
عزيزي الطالب، أنت تعبر عن فراغ معرفي يتوسع لأنك قادم من بيئات قاسية وفقيرة وتعاني من الوحدة والغضب، عشيرتك ليست نهاية الدنيا، تذكر همل العشيرة ولن تدافع عنها بهذه الهمجية، تذكر نخبة العشيرة وستجد نفسك إنسانا جميلا، تذكر أن قريتك أو مدينتك التي تدافع عن اسمها لا تعيش غزوا خارجيا ولم يخرج منها بسمارك أو اينشتاين أو الجواهري، تذكر دائما أن وقت الفراغ هو المشكلة.
عزيزتي إدارة الجامعات، لا تنتظري طلابا مثاليين ما دامت فعاليات وأنشطة الجامعة يديرها أغبياء في عمادة شؤون الطلبة، أيتها الإدارة افصلي أي أستاذ يتحدث بالمناطقية والعنصرية وينجح الطلاب بناءً على اسم العشيرة، لا تعيني عميدًا بالفهلوة، لا تقدمي للأنشطة الطلابية وجوه المشبوهين الموجهين الطرمان، لا بد من برامج لصناعة قادة في الجامعة بدلا من صناعة زعران وبلطجية وغاضبين كما كنت أنا ومعي جيل القادة. نحن نعاني من الوحدة الشديدة ولا نملك أي مشروع ولا نحضع لأي محاضرة أو ورشات تأهيل سرايا.
كنت أخطب بألف طالب لأحرضهم ضد أنفسهم، بعد التوبة والعثور على شخصيات واعية ساعدتني صرت أقوم بالصلحات في الجامعة بين تكتلات ستحرق الجامعة لولا أن كنت أتحدث لغتهم وأثنيهم، قال لي عميد شؤون طلبة مرةً بعد أن خطبت خطبة للإصلاح بين العمرية وشباب من الكورة :" ممتاز علي، مليح ما انته تبع سياسة كان قلبت الدنيا" وقلت له حينها:" ما حدا طالب رايك المهم منعنا هوشة".
أنا مع العقوبة المشددة ومع تغيير الصف الأول في عمادات شؤون الطلبة وإدراج برامج تأهيل وطنية يقدمها محترفون يفهمون القرى والبوادي والمخيمات ليبقى الأردن قويًا ويكون عدونا واحدًا ولا نعادي أنفسنا وبلدنا.











طباعة
  • المشاهدات: 31124
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-10-2025 09:01 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم