حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,21 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 13250

بن طريف يكتب: هل وقف إطلاق النار في غزة هو مجرد هدنة هشة أم أنه هدنة مستدامة؟

بن طريف يكتب: هل وقف إطلاق النار في غزة هو مجرد هدنة هشة أم أنه هدنة مستدامة؟

بن طريف يكتب: هل وقف إطلاق النار في غزة هو مجرد هدنة هشة أم أنه هدنة مستدامة؟

19-10-2025 09:17 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي معتصم احمد بن طريف
هل وقف إطلاق النار في غزة هو مجرد هدنة هشة أم أنه هدنة مستدامة؟
في البداية، أنا لا أؤمن بأن الحرب في غزة قد انتهت بين فصائل المقاومة الفلسطينية (حماس والجهاد الإسلامي وغيرها) التي خاضت المعارك على أرض غزة خلال عملية طوفان الأقصى، وبين الكيان الصهيوأمريكي المعتدي. وبناءً على معرفتي بهذا العدو الغادر، فإن ما أُطلق عليه "اتفاقية (ترمب)" بشأن الحرب في غزة لا يمكن اعتباره نهاية للحرب، على الرغم من أن هذا هو المفهوم الذي أشارت إليه الاتفاقية صراحةً. بل يمكن اعتباره مجرد هدنة مؤقتة لعدة أسباب، منها:
1. إن طبيعة العدو الصهيوأمريكي: تتسم بعدم الالتزام بأي اتفاقيات، ولا يحتاج إلى مبررات للعودة إلى الحرب. يمكن لهذا العدو أن يعتبر أي أمر يراه تهديدًا للأمن القومي الإسرائيلي مبررًا لعمله. والدليل على ذلك: هل يشكل معرض للمعدات الثقيلة في لبنان تهديدًا للأمن الإسرائيلي يبرر قصفه وتدمير آلياته المعروضة؟ وبالمثل، يمكن لهذا العدو أن يعتبر زيادة المواليد في الدول العربية والإسلامية تهديدًا قويًا لأمنه القومي، مما يبرر له قصف المستشفيات يوميًا في هذه الدول للحد من أعداد المواليد الذين يهددون هذا الأمن، وذلك بموافقة صهيوأمريكية ضمنية. وحتى كتابة هذه السطور، يواصل العدو البحث عن مبرر لخرق الهدنة، متذرعًا بتأخر (المقاومة) في تسليم جثث الرهائن. علماً بأن المقاومة أقرت أمام الضامن بأن بعض الجثث تحتاج إلى وقت لتسليمها لكونها لا تزال بين الأنقاض، إلا أن هذا العدو يرفض الاقتناع بذلك ليتخذ منه ذريعة لعودة القصف وإطلاق النار.
لذا، ينبغي على الطرف الآخر (المقاومة) أن يكون واعيًا بهذه الطبيعة، ومستعدًا دائمًا لمواجهة هذا العدو وخرقه للهدنة.
2. طبيعة الضامن لهذه الهدنة: الضامن لهذه الهدنة هو الأمريكي، الذي استخدم رئيسه آنذاك، ترامب، حق النقض (الفيتو) خمس مرات في مجلس الأمن ضد قرار وقف الحرب في غزة. هذا الكيان هو نفسه الذي مد القوات الصهيو-أمريكية بالسلاح والدعم لاستمرار الإبادة في غزة، وهو من أعلن ذلك صراحة في الكنيست الصهيوني، متباهيًا بأن الدعم الأمريكي، والشخصي منه (أي من ترامب)، للجيش الصهيو-أمريكي هو ما مكّن إسرائيل من الاستمرار في المعركة. فكيف للمقاومة، كطرف آخر، أن تعتمد على هذا الضامن غير الموثوق به، لا على الصعيد الشخصي ولا على الصعيد الدولي؟
3. غموض خطة ترامب لإنهاء الحرب في غزة: لا تزال هذه الخطة تتضمن الكثير من النقاط الغامضة التي قد تكون موضع خلاف، وخاصة فيما يتعلق بطريقة تطبيق المرحلة الثانية من هذه الخطة، ومن أهم النقاط الخلافية:
أ. تتمحور النقطة الأولى في الخطة حول نزع سلاح المقاومة، حيث نصّت على أن تكون غزة منطقة منزوعة السلاح، "خالية من الإرهاب ولا تشكل تهديدًا لجيرانها". يبرز هنا تساؤل جوهري: هل سيشمل نزع السلاح قوات المقاومة الفلسطينية فقط، أم يشمل أيضًا نزع سلاح الاحتلال الإسرائيلي المتواجد على أرض غزة؟ يجيب الكثيرون بأن المقصود هو نزع سلاح المقاومة الفلسطينية. وبما أننا أمام عدو صهيوأمريكي يفسر الأمور بمقاييسه، يتوجب على المفاوض الفلسطيني ومن يدعمه من الجانب العربي الوقوف بحزم أمام هذه النقطة الخلافية، والمطالبة بأن يكون نزع السلاح متبادلاً، ما دام هناك طرف محتل يستخدم سلاحه على مرأى ومسمع من العالم للإبادة وقتل المدنيين العزّل، فيجب نزع سلاحه بالمقابل، وذلك إذا ما أُخذت هذه النقطة على محمل الجد من الناحية القانونية. أما إذا نظرنا للأمر من زاوية المقاومة، فقد أعلنت المقاومة على لسان العديد من قادتها أنها لن تتفاوض على هذه النقطة ولن تسلّم سلاحها ما دامت القوات الإسرائيلية على أرضها، مؤكدة استعدادها لتسليم سلاحها للدولة الفلسطينية في حال قيامها. ومع ذلك، هناك ضغوط صهيوأمريكية، وصهيو-عربية، وصهيو-أوروبية تمارس على المقاومة لتسليم سلاحها، بل إن بعض هذه القوى ربطت إعادة إعمار غزة وتقديم الدعم المالي لها بهذا الشرط.
في ظل الرفض الصهيوني-الأمريكي لوجود دولة فلسطينية، فإن مسألة نزع السلاح ستصبح محلاً للخلاف، وستكون منفذاً للجانب الصهيوني-الأمريكي ومن يسيرون في فلكه لعودة الحرب.
ب. إدارة غزة عبر حكومة انتقالية مؤقتة: تتضمن خطة ترامب إدارة غزة من خلال حكومة انتقالية مؤقتة. ويثير هذا المقترح تساؤلات حول شكل هذه الإدارة، ومهامها، وكيفية تشكيلها، ومن سيقودها، وما هي واجباتها. حسب الخطة، ستتكون هذه الإدارة (اللجنة) من شخصيات تكنوقراط فلسطينية غير سياسية، وستكون مهامها الأساسية مقتصرة على إدارة الخدمات العامة والبلديات اليومية لسكان غزة. أما بالنسبة لتشكيل اللجنة وأعضائها، فستضم فلسطينيين مؤهلين وخبراء دوليين. أما الإشراف والقيادة، فستكون تحت إشراف ومراقبة هيئة انتقالية دولية جديدة تُسمى "مجلس السلام". وسيقود هذه الهيئة ويترأس اجتماعاتها الرسمية الرئيس ترامب، بمشاركة رؤساء دول آخرين، من بينهم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير. أما واجبات هذه الإدارة (اللجنة) في هذا الصدد، فستكون مسؤولة عن وضع الإطار وإدارة التمويل اللازم لإعادة تطوير غزة.
بناءً على ما سبق، فإن إطار عمل هذه الإدارة (اللجنة) مرهون بإنجاز السلطة الفلسطينية لبرنامج إصلاحها، كما هو منصوص عليه في مقترحات عدة، منها خطة ترامب للسلام لعام 2020 والمقترح السعودي-الفرنسي، وتمكينها من استعادة السيطرة على غزة بأمان وفعالية. وبالتالي، فإن إنجاز الإصلاحات في السلطة الفلسطينية ليس له معيار أو إطار زمني محدد، بل هو مرتبط بتطبيق المقترحات المذكورة أعلاه. وعليه، ستبقى هذه الإدارة في غزة إلى أن يقتنع العدو الصهيوأمريكي ومن يدور في فلكه بإنجاز هذه الإصلاحات في السلطة. إن هذا البند في الخطة قد يشكل ثغرة يمكن استغلالها لإعادة إشعال الحرب في أي وقت يريده العدو الصهيوأمريكي، أو قد يستمر المندوب السامي الجديد (توني بلير) أو من سيخلفه في أداء مهام المندوب السامي لوقت يعلمه الله عز وجل، أو قد تعود المقاومة للقيام بعمل تحرري من هذا الانتداب..
ج. قوة الاستقرار الدولية المؤقتة: تشير خطة ترامب إلى نشر قوة استقرار دولية مؤقتة تنتشر فوراً في غزة. ومع ذلك، تكتنف طبيعة هذه القوة الكثير من الغموض، ومن التساؤلات المثارة حولها: ما هي واجبات هذه القوة؟ ومن سيقودها؟ وكم سيكون عدد أفرادها؟ وهل هي قوة مراقبة دولية أم قوة لفرض السلام؟ وعليه، فإن قوة الاستقرار الدولية تُعد نقطة خلافية في الخطة (الترامبية).
وحتى لا أتعمق في الإجابة على هذه التساؤلات في هذا المقال، سأخصص لها مقالاً مستقلاً للحديث عن هذه القوة الدولية وطبيعة عملها ومهامها كما أراها، خاصة وأن لدي خبرة دولية في العمل مع القوات الدولية في مهام فرض السلام ومهام مراقبة السلام، والفرق بينهما، وكذلك الفرق إذا تشكلت القوة من قبل الأمم المتحدة أو من خلال دول الناتو كما حدث في البوسنة والهرسك.
د.انسحاب القوات الإسرائيلية: لم توضح الخطة "الترامبية" تفاصيل انسحاب القوات الإسرائيلية، بل ربطت عملية الانسحاب بمعايير وأطر زمنية مرتبطة بعملية نزع السلاح. وبذلك، يصبح الانسحاب مرهونًا بالإرادة الإسرائيلية ورضاها عن عملية نزع الأسلحة. ولزيادة الغموض وإرضاء الجانب الصهيوني، أكدت الخطة أن الانسحاب مرتبط أيضًا بموافقة القوات الإسرائيلية وقوة الاستقرار الدولية والضامنين والولايات المتحدة، بهدف تحقيق غزة آمنة لا تشكل تهديدًا لإسرائيل أو مصر أو مواطنيها. عمليًا، ستُسلّم القوات الإسرائيلية تدريجيًا الأراضي التي تحتلها في غزة إلى قوة الاستقرار الدولية، وذلك وفقًا لاتفاق مع السلطة الانتقالية، حتى تنسحب تمامًا من غزة، باستثناء منطقة أمنية ستبقى لحين ضمان أمان غزة التام من أي تهديد إرهابي متجدد.
وبالتالي، ستصبح هذه النقطة مصدر خلاف بل وسببًا لعودة الحرب؛ لعدم تحديدها موعدًا واضحًا لخروج القوات الغازية من أراضيهم، وعدم وضع خطوط انسحاب محددة. علاوة على ذلك، فإن بقاء هذه القوات في القطاع سيعيق عملية إعادة الإعمار، وسيخلق نقاط احتكاك مع المواطنين، كما سيمنح العدو الصهيوأمريكي ذريعة لإطلاق النار، وتنفيذ عمليات تصفية عشوائية ضد الغزيين ومضايقتهم.
خلاصة القول، تتضمن هذه الخطة (الترامبية) نقاطاً غامضة كثيرة وموضع خلاف، وقد يكون أي منها، أو حتى أي جزء تفصيلي منها، سبباً لإعادة الحرب. لذلك، يمكن اعتبار هذه الخطة هشة وغير قابلة للاستمرار ما لم يتم توضيحها وضمان الحقوق العادلة للفلسطينيين في الدفاع عن أرضهم وإخراج المحتل منها











طباعة
  • المشاهدات: 13250
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
19-10-2025 09:17 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تنجح "إسرائيل" بنزع سلاح حماس كما توعد نتنياهو رغم اتفاق وقف الحرب بغزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم