بقلم : د. نضال المجالي
في الأيام الماضية، تحولت ساحات الجامعة الأردنية – تلك التي يُفترض أنها للعلم والمعرفة والنقاش الراقي – إلى مسرح صغير لضوضاء كبيرة. فئة قليلة من الشباب قررت أن تختبر قدراتها في “الفنون القتالية” بدلا من الفنون الجميلة، وتحوّل “الهواء الأكاديمي النقي” إلى دخان من الصراخ والعنتريات.

لكن لنعترف: ما جرى ليس “هوشة جامعة”، بل هوشة مجتمع تسربت إلى الجامعة. فمن أين جاء هؤلاء الشباب؟ لم تهبط عليهم العدوى من مختبر الكيمياء، بل من شوارع وسلوكيات وتفاهمات عامة تصرخ يوميا في وجوهنا: “احك بصوت أعلى، لتُسمع أكثر!”

الجامعة ليست مسؤولة عن “العُقد الاجتماعية” التي لبست عباءة “الهوشة”، بل عن تنظيم محاضراتها وجدول امتحاناتها فقط. أما من أراد أن يعيش دراما “أولاد الشارع”، فمكانها ليس البوابة الشمالية ولا "المسطح الاخضر" ولا الكفتيريا، بل ربما مسرح الفنون – هناك على الأقل يتصالح الصوت العالي مع النص!

الحل؟ بسيط من حيث الشكل، عميق من حيث الفهم:
1. إعادة تعريف الرجولة في عيون الشباب: فهي ليست “من يصرخ أولا”، بل من يفهم أولا.
2. جلسات حوارية إجبارية – كما هي المواد الإجبارية – عن السلوك الجامعي والمسؤولية المدنية.
3. إبراز النماذج الهادئة والمؤثرة من الطلبة كقدوة، فالصوت العالي لا يعني تأثيراً أكبر.

في النهاية، ما حدث مجرد مشهد عابر في فيلم طويل عنوانه “المجتمع يتحدث بصوت مرتفع”.
الجامعة الأردنية ستبقى جامعة للفكر، حتى لو حاول البعض تحويلها لملعب… أو للأسف، حلبة مصارعة فكرية بلا فكر