بقلم : اللواء المتقاعد طارق الحباشنة
بعد أكثر من عامين من الحرب التي عصفت بقطاع غزة منذ السابع من أكتوبر عام 2023، شهدت مدينة شرم الشيخ حدثًا تاريخيًا تمثّل في توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الأطراف المتنازعة، برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، وبحضور عدد من قادة ورؤساء الدول، ومشاركة فعّالة من مصر وقطر وتركيا بصفتهم وسطاء رئيسيين.

جاء هذا الاتفاق ليضع حدًّا لإحدى أكثر الحروب دموية في تاريخ القطاع، والتي خلّفت أكثر من 67,000 شهيد فلسطيني — معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن ،واكثر من 140 ألف جريح، وفق تقارير الأمم المتحدة ووزارة الصحة في غزه ،اضافة الى الاف من الأشخاص آلذين لازالوا مفقودين وموجودين تحت الأنقاض

استمرّت الحرب لما يقارب 24 شهرًا متواصلة، تاركةً وراءها دمارًا واسعًا في البنية التحتية، وأزمة إنسانية غير مسبوقة بسبب الحصار ونقص الغذاء والدواء والمياه.

اهم وأبرز إيجابيات اتفاق شرم الشيخ

وقف نزيف الدم والمعاناة الإنسانية

شكّل توقف العمليات العسكرية أول انتصار حقيقي للإنسانية، حيث توقّف سقوط الضحايا المدنيين، وبدأت عجلة الحياة تعود تدريجيًا في المناطق التي كانت تشهد قتالًا عنيفًا.

فتح المعابر وتسهيل دخول المساعدات

بموجب الاتفاق، تم تسهيل دخول القوافل الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة بإشراف الأمم المتحدة، وبدأت مئات الشاحنات المحمّلة بالغذاء والدواء والمياه بالدخول بعد أشهر طويلة من الحصار.

إطلاق جهود إعادة الإعمار

مهّد الاتفاق الطريق أمام مرحلة إعادة الإعمار بإشراف دولي وإقليمي، مع تعهدات مالية من عدة دول عربية ودولية لإعادة بناء البنية التحتية والمستشفيات والمدارس، وإعادة الحياة المدنية تدريجيًا إلى طبيعتها.

إفشال مخطط التهجير القسري والتطهير العرقي
من أبرز الإنجازات غير المعلنة التي حققها اتفاق شرم الشيخ هو إفشال المخطط الإسرائيلي الرامي إلى تهجير سكان قطاع غزة قسرًا نحو سيناء أو مناطق أخرى خارج القطاع.

الإفراج عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين
من أبرز النتائج الإنسانية التي ترتبت على الاتفاق تمثلت في الإفراج عن عدد من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، لا سيما من النساء والأطفال وكبار السن الذين اعتُقلوا خلال سنوات الحرب.

تحسّن الوضع الإنساني ودور المنظمات الدولية

شكّل اتفاق وقف إطلاق النار نقطة تحول إنسانية سمحت للمنظمات الدولية باستئناف عملها بشكل أوسع وأكثر أمانًا، وساهم في وصول المساعدات الإنسانية العاجلة إلى السكان.
• أعادت المنظمات مثل برنامج الأغذية العالمي (WFP) ومنظمة اليونيسف (UNICEF) تشغيل خطوط الإمداد، وتقديم مساعدات غذائية وطبية عاجلة لعشرات الآلاف من العائلات التي كانت على حافة الجوع.
• كما تم إعادة تشغيل المستشفيات الميدانية، وإدخال فرق طبية دولية لعلاج الجرحى والمصابين، بعد أن كانت المرافق الصحية على وشك الانهيار الكامل.
• وأكدت تقارير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) أن الاتفاق ساهم في تحسين وصول الكهرباء والمياه، وإعادة توزيع المساعدات بشكل منتظم في مختلف مناطق القطاع.
⸻
الخاتمة
رغم التحديات التي لا تزال قائمة، يظل اتفاق شرم الشيخ خطوة ضرورية لإيقاف المأساة، ومرحلة أولى نحو سلامٍ ممكن، إن وُجدت الإرادة الصادقة في تحويله إلى مسارٍ دائم يضمن للفلسطينيين الكرامة، والأمن، وحق الحياة على ارضهم