16-10-2025 03:27 PM
بقلم : لانا أبو سنينة
عندما تصبح القضايا الأخلاقية مرآة تكشف المعادن الحقيقية للناس
مع مرور الوقت، يتعلم الإنسان أن النضج لا يأتي فقط من التجارب الشخصية، بل من قدرة الوعي على التمييز بين الاختلاف المشروع والانحياز المريب. لم يعد شعار "اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية" صالحًا لكل المواقف، خصوصًا حين يتعلق الأمر بقضايا أخلاقية وإنسانية لا تحتمل الرمادية.
في زمن الصراعات الكبرى، لا تبقى المواقف حبيسة الكلمات، بل تتحول إلى مرآةٍ صافية تعكس حقيقة ما في الداخل. ومنصات التواصل الاجتماعي، التي ظنّها البعض فضاءً للتعبير الحر، أصبحت اليوم أداة كاشفة لجوهر الإنسان، تفضح الأقنعة وتُظهر البواطن بوضوح لا يحتمل اللبس.
لقد كانت غزة، وما تزال، ميزانًا أخلاقيًا حاسمًا. مع كل عدوانٍ تتعرض له، تتساقط الأقنعة، ويُعاد فرز الناس ليس بناءً على قربهم أو صداقتهم، بل على موقفهم من العدالة والكرامة والإنسان. في لحظة الحقيقة، لم يعد الخلاف في الرأي مجرد تنوعٍ في وجهات النظر، بل صار اختبارًا للمبادئ، وبيانًا فاضحًا لمدى التزام كل فرد بضميره الإنساني.
كشفت المقاومة الفلسطينية — بما حملته من صمودٍ وتضحية — معادن كثيرين. فمنهم من عبّر عن تعاطفٍ صادقٍ مع المظلوم، ومنهم من اختار الصمت أو التبرير أو حتى الوقوف على الحياد، وكأن الدم الفلسطيني تفصيل لا يعنيه. ومع كل موقف، تهاوت تلك الصورة الوردية التي رسمناها لأشخاص ظننا أنهم يشبهوننا في القيم والرؤية.
إن ما جرى لم يكن مجرد جدل سياسي، بل اختبار أخلاقي عميق. فقد أثبتت التجربة أن بعض "الاختلافات" ليست فكرية، بل جذرها في منظومة الوعي والضمير. وعند هذه النقطة، يصبح التمسك بعلاقات ظاهرها الود وباطنها التناقض مع أبسط قيم العدالة نوعًا من السذاجة.
غزة لم تكشف العدو فحسب، بل عرّت أيضًا من كان يتستّر خلف شعارات الحياد والمجاملة. وفي زمنٍ كهذا، لا يعود الصمت فضيلة، بل تواطؤًا، ولا يكون الحياد سوى انحيازٍ مقنّع ضد الحقيقة.
بقلم: لانا أبو سنينة
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-10-2025 03:27 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |