حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,18 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 10583

د. مثقال القرالة يكتب: جريمة اسمها حب الاردن

د. مثقال القرالة يكتب: جريمة اسمها حب الاردن

د. مثقال القرالة يكتب: جريمة اسمها حب الاردن

16-10-2025 11:29 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. مثقال القرالة
في لحظة صدق مع الذات، يقف الأردني أمام سؤال يوجعه بقدر ما يحيره: لماذا يصفّق لأخيه العربي حين يفاخر بحب وطنه، ويقف احتراماً للفلسطيني وهو يتغنّى بقدسه وبياراته، ويُكبر السوري حين يعلن عشقه لدمشق وحمص وحلب، ويحيّي التونسي وهو يتباهى بقرطاجه وتاريخه، لكنه حين يرفع صوته قائلاً: "أحب الأردن، وأفتخر بقيادتي الهاشمية "، يجد نفسه في مرمى التهم، وتُكال له النعوت: متعصب، مزاود، أو باحث عن مصلحة؟ لماذا يتحول الحب، وهو أقدس المشاعر، إلى شبهة في هذا الوطن، بينما هو مدعاة للفخر في غيره؟. فالأردني، ومنذ بزوغ فجر الإمارة، حمل على كتفيه هموم الأمة قبل أن يحمل همومه. فتح ذراعيه لكل موجوع، واستقبل كل لاجئ ومهاجر ومطارد من ظلم أو حرب. صار وطنه الصغير بحجمه، الكبير بعطائه، ميداناً لحماية الآخرين وبيتاً يلوذ به الغرباء. ومع ذلك، كُتبت عليه معادلة غريبة: أن يكون المُعطي الذي لا يحق له أن يطلب، والملاذ الذي لا يحتاج إلى ملاذ، والحارس الذي لا يُسمح له أن يعلن أن له بيتاً يستحق الحب مثله مثل سائر البيوت.
والمفارقة أن الأردني لم يتردد يوماً في حب الآخرين، بل غرس احترامه في كل وعيه: فهو لا يشك في صدق حب الفلسطيني لفلسطينه، ولا يساوم السوري على عشقه لبلاده، ولا يسخر من تونسي أو مصري أو عراقي حين يفاخر بأرضه وقيادته. لكن ما إن يتحدث الأردني عن عشقه لوطنه وقيادته حتى تنهض جوقة من الأصوات التي تشكك، وتلمز، وتتهم. وكأن حب الأردن والولاء لقائده جرمٌ يستوجب المحاكمة، وكأن الانتماء لهذا البلد ترفٌ لا يليق بأهله. لعلا السبب، ربما، أن الخطاب الوطني الأردني لم يسلم من التشويه. فكم من منافق جعل من الوطنية شعاراً يبتز به، وكم من صاحب مصلحة اتخذ من حب الوطن مطية لمكاسب شخصية. وهنا تداخلت الأصوات، فضاع الصدق وسط الزيف، فصار الأردني الصادق يُعامل بذات الريبة التي يُعامل بها الانتهازي. لكنّ هذا لا يغيّر الحقيقة: أنّ حب الأردن وقيادته الهاشمية أكبر من أن يُدنّسه المنافقون، وأبقى من أن يُضعفه المشككون.
الأردن، أيها السادة، لم يكن يوماً مشروعاً طارئاً، ولا كياناً عابراً. هو ذاكرة ممتدة من التاريخ، وهو عقد الشرعية الهاشمية التي روت الأرض بدمائها لتبقى، وهو الشعب الذي صبر على القليل، فصنع من ندرة الموارد معجزات البقاء. وهذا الوطن الذي ظلّ شامخاً أمام العواصف، وصابراً أمام الضغوط، وعادلاً في محيط مضطرب، بقي بفضل قيادته الهاشمية التي جسّدها جلالة الملك عبدالله الثاني رمزاً للثبات والحكمة. أليس جديراً أن نرفعه في قلوبنا إلى مرتبة العشق؟. إنّ الأردني حين يعلن حبه للأردن وولاءه لقائده، فهو لا يزاود على أحد، ولا ينتقص من أحد، ولا ينكر حق الآخرين في عشق أوطانهم. لكنه يرفض أن يُطلب منه أن يصمت عن حب وطنه وقيادته خشية أن يُساء فهمه. الوطن ليس بطاقة يُشهرها الانتهازيون عند الحاجة، بل هو انتماء خالد، وعقيدة راسخة، ووفاء أبدي.
فدعوا الأردني يحب وطنه كما يشاء، وبالصوت الذي يشاء، وفي العلن لا في الخفاء. دعوه يفاخر بأرضه التي احتضنت الجميع، وبقيادته التي صانت الاستقرار، وبشعبه الذي لم يبدّل تبديلاً. دعوه يكررها ما استطاع: "أحب الأردن وأعتز بقيادتي الهاشمية"، فالوطن الذي أحبّ الجميع، جديرٌ أن يُحب. وليكن واضحاً: الأردن ليس شعاراً، ولا ورقة انتخابية، ولا خطاباً موسمياً. الأردن هو الدم الذي يجري في العروق، وهو الكرامة التي لا تُساوم، وهو الحقيقة التي لا تحتاج إلى إذن أحد كي تُقال. ومن يضيق صدره بحب الأردني لوطنه واعتزازه بقيادته، فليعلم أنّ الحب لا يستأذن، والوفاء لا يعتذر، والوطن لا يُختزل في حسابات ضيقة. كما أنّ الأردن يستحق أن يُحب، لا لأننا أبناؤه فحسب، بل لأنّه أثبت أنه بيت العرب جميعاً، وملاذهم، ورئة تنفسهم حين ضاقت بهم الأوطان. ومن يعيب على الأردني أن يحب الأردن وقائده، كمن يعيب على الابن أن يحب أمه. وهل في الكون أقدس من حب الأم؟











طباعة
  • المشاهدات: 10583
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
16-10-2025 11:29 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تنجح "إسرائيل" بنزع سلاح حماس كما توعد نتنياهو رغم اتفاق وقف الحرب بغزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم