حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,13 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 7171

مقدادي يكتب: الملك عبدالله الثاني وحماية الأمة: حنكة سياسية أمام محاولات تهجير الغزيين

مقدادي يكتب: الملك عبدالله الثاني وحماية الأمة: حنكة سياسية أمام محاولات تهجير الغزيين

 مقدادي يكتب: الملك عبدالله الثاني وحماية الأمة: حنكة سياسية أمام محاولات تهجير الغزيين

13-10-2025 04:09 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس ثائر عايش مقدادي
في يومٍ مفصلي من أيام السياسة العربية المعاصرة، وقف الملك عبدالله الثاني، ملك الأردن، في مواجهة مباشرة مع واحدة من أخطر الأفكار التي حاولت النيل من استقرار المنطقة وتهجير أبناء قطاع غزة. كانت تلك الفترة التي أعقب فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فوزه بالرئاسة لفترة ثانية، حاملاً معه خططاً وقرارات متهورة، من بينها تحويل قطاع غزة إلى “ريفيرا”، وطالباً من الأردن ومصر استقبال المهجرين كأنهما أدوات تنفيذية لهذه السياسات.

ذاك اللقاء كان الأول لزعيم عربي مع ترامب بعد عودته للبيت الأبيض، وكان بمثابة اختبار لقدرة الأردن على مواجهة الضغوط الأمريكية المباشرة أمام الإعلام والعدسات الصحفية، وخصوصاً أمام ترامب المتحمس لأفكاره الجريئة والمثيرة للجدل. ومنذ الدقيقة الأولى، كان واضحاً أن الملك عبدالله يحمل موقفاً وطنياً صلباً، يضع فيه الأردن وأهله وأشقائه الفلسطينيين فوق كل اعتبار، مستنداً إلى قراءة دقيقة وقوية للمشهد الإقليمي، إذ رفض التهجير منذ أشهر، قبل أن تبدأ الصورة تتضح للعالم بأسره لاحقاً.

حين حاول ترامب، أمام كاميرات الإعلام، وضع الملك تحت الضغط قائلاً: “على الأردن أن يقبل”، كان الرد الملكي سريعاً، حاسماً، ولم يُترك مجالاً للشك أو الالتباس: “الأردن سيستقبل المرضى والمصابين فقط”. في جزء من الثانية، استطاع الملك أن يمتص حماس ترامب واندفاعه، محافظاً على سيادة الأردن وكرامته الوطنية، ودون أن يدخل في مواجهة مباشرة، معتبراً حماية الأردن وحلفائه العرب خطاً أحمر.

لكن المحاولة لم تتوقف عند هذا الحد. فقد جاءت القنبلة الثانية محاولة من ترامب لتصوير الأردن وكأنها وافقت ضمنياً على خطة التهجير. هنا، تجلت براعة الملك الدبلوماسية، مستنداً إلى مكانة مصر الاستراتيجية وموقفها القوي، قائلاً: “لدى مصر خطة نؤيدها وسنتشاور معها”. ببساطة، كانت تلك الإجابة درساً في السياسة؛ أسقطت كل محاولات فرض الإرادات، وأكدت أن للأمة العربية حلفاء وقوى لا يمكن تجاوزها، وأن الأردن لن يكون ساحة لتجارب سياسية خطيرة.

في ذلك اليوم، كان موقف الملك عبدالله بمثابة البداية الحقيقية لنهاية أي حديث عن تهجير أهالي غزة. فقد أثبت أن الأردن بقيادته، ليس طرفاً ضعيفاً يمكن الضغط عليه، وأن الكلمة العربية الموحدة هي خط أحمر لا يمكن تجاوزه. لم يكن مجرد موقف دبلوماسي، بل كان درساً سياسياً يُدرس في جميع المدارس والمعاهد العليا، في فنون القيادة والحنكة والمواجهة الذكية للضغوط الدولية.

كما كان واضحاً أن الملك عبدالله لم يكتفِ بحماية الأردن فقط، بل أوقف أيضاً محاولات إعادة صياغة خارطة الشرق الأوسط بالقوة، مُظهراً أن هناك أطرافاً عربية قوية، وأن للعرب موقفاً جماعياً يحمي القضية الفلسطينية وحقوق أهلها. موقف يظهر أن الأردن بقيادته، خط الدفاع الأول عن فلسطين، وأن أي خطة تهجير تواجه رفضاً صريحاً وواضحاً لا لبس فيه.

الدرس الأكبر أن قراءة الملك عبدالله للمشهد لم تكن عفوية، بل كانت مبنية على رؤية استشرافية دقيقة منذ أشهر، رصد خلالها كل المؤشرات وحركات الأطراف الدولية والإقليمية. واليوم، بدأت الصورة تتضح أكثر للعالم، لتؤكد أن موقف الأردن الراسخ كان قائماً على استراتيجية وطنية واضحة، لا على انفعالات أو ضغوط.

هذا اليوم المشحون بالضغوط السياسية والإعلامية لم يكن مجرد لقاء، بل كان تجربة حية في فن الدبلوماسية الذكية. موقف الملك عبدالله كان درساً في كيفية مواجهة القوة بالعقل والحكمة، وكيفية تحويل الضغوط إلى فرص لتعزيز مكانة الأردن الإقليمية والدولية.

ورغم محاولات بعض وسائل الإعلام تحريف الواقع، إلا أن الحقيقة واضحة لكل المتابعين: موقف الملك عبدالله كان ولا يزال موقف الأمة. موقف يُحفظ في التاريخ، ويُدرس لكل من يحاول تهديد الاستقرار العربي أو المساس بحقوق الفلسطينيين. موقف لا يمكن نسيانه، مهما حاول البعض الطمس أو التزييف.

اللهم احفظ ملكنا وقائدنا، وأدم عليه الصحة والحكمة والقوة، وارزقه النصر الدائم، واجعل الأردن حصناً منيعاً للأمة العربية، وسنداً لأشقائه الفلسطينيين، ودرساً لكل من يتصور أنه يمكن أن يفرض إرادته على الأمة أو على الأردن العظيم بقيادته الحكيمة











طباعة
  • المشاهدات: 7171
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-10-2025 04:09 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تنجح "إسرائيل" بنزع سلاح حماس كما توعد نتنياهو رغم اتفاق وقف الحرب بغزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم