سرايا - أصبحت البطاريات تلعب دوراً محورياً وذلك مع التوسع الكبير في استخدام السيارات الكهربائية، والطائرات بدون طيار، وأنظمة الطاقة المتجددة.

ومع ذلك، فإن نظم إدارة البطاريات التقليدية لا تزال محدودة في وظيفتها، فهي تقدم فقط مؤشرات عن نسبة الشحن المتبقية، دون الإجابة على السؤال الأهم: هل تكفي هذه الطاقة لإتمام الرحلة أو المهمة المطلوبة؟ وطور فريق من الباحثين في جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد، بقيادة البروفيسورين مهري وجنكيز أوزكان، حلاً مبتكرًا لهذا التحدي، يتمثل في نظام جديد يدعى "حالة المهمة" (State of Mission SOM).

وعلى عكس نظم تقييم البطاريات الحالية، مثل حالة الشحن (SOC) أو حالة الصحة (SOH)، يذهب نظام SOM إلى ما هو أبعد من مجرد النسب الرقمية. فهو نظام "واعي بالمهمة"، يتنبأ بما إذا كانت البطارية ستنجز المهمة المخطط لها في ظل ظروف واقعية، كقيادة سيارة عبر تضاريس وعرة، أو تحليق طائرة درون "مسيّرة" في ظروف جوية قاسية، أو تشغيل منزل خلال يوم غائم منخفض الإنتاج من الألواح الشمسية.

دمج ذكي

الابتكار الرئيسي في هذا النظام يكمن في الدمج الذكي بين الفيزياء والذكاء الاصطناعي. فعادةً، يعتمد المهندسون على النماذج الفيزيائية لتفسير سلوك البطاريات، لكنها معقدة وبطيئة الحساب ولا تناسب التطبيقات الفورية. في المقابل، يمكن للأنظمة المعتمدة على تعلم الآلة التعامل مع كميات هائلة من البيانات بسرعة، لكنها تفتقر أحيانًا إلى الفهم السببي، مما قد يؤدي إلى أخطاء عند تغير الظروف. ونظام SOM يستخدم تقنيات هجينة مثل المعادلات التفاضلية العصبية (Neural ODEs) والشبكات العصبية المدركة للفيزياء (PINNs)، ليمزج بين دقة النماذج العلمية ومرونة الذكاء الاصطناعي.

ولاختبار فعالية النظام، اعتمد الفريق على مجموعات بيانات ضخمة من وكالة ناسا وجامعة أوكسفورد، تغطي دورات شحن وتفريغ واقعية، وتغيرات درجات الحرارة، ومعدلات التيار والجهد، والتدهور طويل الأمد. وكانت النتائج واعدة؛ حيث انخفضت أخطاء التنبؤ بشكل ملحوظ مقارنةً بالطرق التقليدية، ما يمنح النظام قدرة عالية على تقديم تقديرات موثوقة لأداء البطارية.

وعلى أرض الواقع، يعني هذا أنه بدلاً من إخبارك أن بطارية سيارتك عند 60%، يمكن للنظام أن يخبرك ما إذا كانت هذه النسبة كافية لتجاوز الجبال أو الطقس البارد. ويمكن أن يمنعك من إرسال طائرة بدون طيار في رحلة خطيرة، أو يساعد في إدارة الطاقة في شبكات الكهرباء، وكل ذلك استنادًا إلى حسابات دقيقة وواقعية.

انتشار متوقع

ورغم أن النظام لا يزال يتطلب قدرات حسابية متقدمة قد تتجاوز إمكانيات الأجهزة الحالية، يتوقع الباحثون أن يصبح أكثر انتشارًا مع تطور العتاد الحاسوبي. كما يخطط الفريق لتطبيق النظام على أنواع مختلفة من البطاريات مثل بطاريات الصوديوم والأخرى الحالة الصلبة، ما يجعله منصة مرنة قابلة للتطوير في مختلف مجالات الطاقة.

وباختصار، فإن نظام SOM لا يقدم فقط قراءة لحالة البطارية، بل يمثل قفزة نوعية في مجال إدارة الطاقة، حيث يمكنه تحويل البيانات إلى قرارات قابلة للتنفيذ، وتحسين السلامة والكفاءة في السيارات، الطائرات، والمنازل. في زمن تعتمد فيه التكنولوجيا على الطاقة المتجددة أكثر من أي وقت مضى، يبدو أن SOM هو ما كنا نحتاجه لنستخدم هذه الطاقة بأذكى طريقة ممكنة.