حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,18 أكتوبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 8641

فيصل تايه يكتب: مؤسسة المتقاعدين العسكريين .. الوفاء الذي لا يشيخ

فيصل تايه يكتب: مؤسسة المتقاعدين العسكريين .. الوفاء الذي لا يشيخ

فيصل تايه يكتب: مؤسسة المتقاعدين العسكريين  ..  الوفاء الذي لا يشيخ

12-10-2025 09:19 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : فيصل تايه
الوفاء للوطن لا ينتهي عند آخر رتبة أو آخر صباح في الخدمة العسكرية ، فالعسكرية ليست مرحلة من العمر ، بل عقيدة تسكن القلب وتبقى حية في النفس ما دامت تنبض بالولاء والانتماء ، وكل من لبى نداء الوطن وارتدى بزته العسكرية ، يظل بعد التقاعد حاملاً لرسالة العطاء التي لا تعرف التوقف ، ومن هنا، لم تكن المؤسسة الاقتصادية والاجتماعية للمتقاعدين العسكريين والمحاربين القدماء مجرد مبادرة تنظيمية أو جهة خدمية ، بل فكرة وطنية سامية تجسد الامتداد الطبيعي لمسيرة "العسكر" بعد الميدان ، فعي مؤسسة تجمع بين الرعاية والتمكين ، وبين الوفاء والعطاء، وبين ماضي الخدمة وحاضر الكرامة.

لقد جاءت هذه المؤسسة لتؤكد أن مرحلة ما بعد التقاعد ليست ختاماً ، بل بداية جديدة لمسيرة من نوع آخر، مسيرة تبني وتزرع كما كانت تحمي وتصون ، فهي اليد التي تمتد لتكرم لا بالعطايا فقط، بل بفرص الحياة الكريمة والعمل المنتج والمشاركة الفاعلة ، فكانت العنوان الأصدق لعرفان الوطن تجاه رجاله الذين حرسوه بالدم والعرق والإيمان.

ثلة من أعضاء ملتقى (النخبة - elite) الذي يضم شخصيات وطنية وسياسية وفكرية بارزة، زاروا مؤسسة المتقاعدين العسكريين ، وخرجوا بانطباع عميق عن طبيعة عملها ، اذ تبين لهم أن المؤسسة تواصل مسيرتها بثبات ووعي ونضج ، مستندة إلى ارث عسكري عريق ومبادئ الحوكمة الرشيدة ، وهو إرث تراكمي أسهم في بنائه من تعاقبوا على قيادة هذه المؤسسة ، اذ يأتي عمل اللواء الركن المتقاعد عدنان أحمد الرقاد "مديرها العام" بثبات وتنامي ووعي ، ليكون امتداداً طبيعياً لجهود من سبقوه ، في إطار نهج قائم على الاستمرارية والتطوير ، حيث ان الموارد البشرية تدار فيها بعقلية القائد وروح الإنسان ، وبنضج إداري يعكس رؤية مؤسسية متقدمة، ذلك بالإيمان لا بالتقاعد "كراحة" بل كاستمرار في خدمة الوطن بوجه جديد ، فيما يؤمل أن تواصل المؤسسة انفتاحها على مشاريعها الاقتصادية، من خلال تقييم جدي لجدواها وأثرها المستقبلي في تعزيز التنمية واستدامة العمل .

وفي هذا الإطار ، وسعت المؤسسة نطاق عملها لتشمل منظومة متكاملة من البرامج والخدمات ، من قروض ومشاريع إنتاجية صغيرة ومتوسطة تفتح افاقاً جديدة أمام المتقاعدين ، الى برامج تدريب وتأهيل تواكب متطلبات سوق العمل ، ومبادرات اجتماعية وإنسانية تضع البعد الإنساني في قلب رسالتها ، كما انها تجاوزت حدود العمل التقليدي لتدخل عصر التحول الرقمي ، مطلقة منصات إلكترونية متقدمة تتيح للمنتسبين إدارة شؤونهم ومتابعة معاملاتهم بسهولة وكرامة، في انسجام تام مع رؤية الدولة نحو تحديث الإدارة العامة وخدمة المواطن بكفاءة وشفافية.

لكن ما يميز هذه المؤسسة عن سواها ليس ما تقدمه من خدمات فحسب ، بل روحها الوطنية العميقة التي تسكن تفاصيلها ، فهي لا تتعامل مع المتقاعد كرقم في سجل أو مستفيد من خدمة، بل كقيمة وطنية وركن من أركان المجتمع ، اذ تحترم تاريخه، وتثمن خبرته، وتعيد دمجه في دورة الإنتاج الوطني ، لتبرهن أن “المتقاعد” في قاموس الوطن ليس من تقاعد عن الحياة، بل من انتقل إلى مرحلة جديدة من العطاء المختلف.

ويأتي هذا كله في ظل رعاية ملكية سامية ومتابعة حثيثة من جلالة الملك عبدالله الثاني وولي عهده الأمين سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، اللذين أكدا في أكثر من مناسبة أن المتقاعدين العسكريين هم “رموز الوفاء للوطن”، وأن خدمتهم لا تنتهي بانتهاء الزي ، بل تمتد لتشمل المشاركة في التنمية والإنتاج ، فهذا الدعم الملكي لم يكن مجرد توجيه، بل بوصلة عمل تلهم المؤسسة وتوجه خطاها نحو مزيد من التحديث والتمكين .

لقد تحولت المؤسسة إلى نموذج وطني رائد في الدمج بين الخبرة العسكرية والقدرة الإنتاجية ، بين الواجب الوطني وروح العمل المدني ، ففي كل مبادرة أو مشروع تنفذه ، تنبض فيها روح الجيش ذاته ، من الانضباط، والالتزام، والصدق، والإيمان بأن العمل شرف والمسؤولية أمانة ، وكل ذلك جعلها صرحاً وطنياً شامخاً ، يترجم معاني الانتماء إلى إنجاز حقيقي يلمسه كل من خدم تحت راية الوطن.

ولعل أجمل ما يمكن أن يقال في ختام الحديث عن هذه المؤسسة، أنها لم تبن بالحجر فحسب ، بل بالعزيمة والضمير والإيمان بالإنسان ، فهي صفحة مشرقة من كتاب الوطن ، تحكي قصة الذين لم يتعبوا من حب بلادهم، والذين ما زالوا، رغم السنين، يحملون الوطن في قلوبهم كما حملوه يوم أقسموا على الذود عنه.

إن مؤسسة المتقاعدين العسكريين ليست مجرد مؤسسة ، إنها ذاكرة الوطن الحية، ونبض الوفاء المتجدد، وصوت العطاء الذي لا يخفت ، ففيها يمتزج الماضي بالحاضر، والتاريخ بالمستقبل، ليبقى المعنى الأعمق للانتماء ، بأن يخدم الإنسان وطنه في كل موقع، وأن يظل عطاؤه نهراً لا ينضب مهما تغيّرت الأيام.
الله ولي التوفيق
مع تحياتي








طباعة
  • المشاهدات: 8641
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
12-10-2025 09:19 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تنجح "إسرائيل" بنزع سلاح حماس كما توعد نتنياهو رغم اتفاق وقف الحرب بغزة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم