07-10-2025 01:32 PM
بقلم : د. دانييلا القرعان
تعلمون أن سياسة الأردن الخارجية من منظور الواقعية السياسية توصف بالإعتدال، حيث استطاعت القيادة الهاشمية الحكيمة عبر الزمن أن توازن بين التحالفات الدولية والعربية دون انحياز مطلق وأن تحافظ على العلاقات المستقرة مع جميع الأطراف المتناقضة كأمريكا، أوروبا، الخليج، وفلسطين، حتى إسرائيل، بحكم معاهدة السلام.
وتعلمون أيضاً، أن الأردن انتهج نهج تجنب الاندفاع العسكري، أو التصعيد الخطابي، الأمر الذي يجعله محافظاً لإستقراره الداخلي، برغم الأزمات المحيطة به، سواء من جهة العراق وسوريا، أو من جهة فلسطين، ويجعله صوت وساطة وعقلانية في المنطقة، لذا، إعتدال الأردن ليس ضعفاً بقدر ما هو ذكاء بقاء دولة صغيرة، لها موقع حساس جدًا، سياسياً أو جغرافياً.
لكن بالمقابل، يرى البعض للأسف أن سياسة الأردن الخارجية من منظورهم الشعبي تبدو كانها حالة ضعف أكثر مما هي ذكاء وهذا ربما لأنهم فسروا إعتداله على أنه تنازل وصمت مفرط عن قضايا قومية كقضية فلسطين، والكل يتناسى هنا بأن الأردن على أرض الواقع يتأثر أكثر مما يؤثر في القرارات الإقليمية، فهو بالعادة ما يُظهر حذرًا مفرطًا في الملف السياسي خاصة حين يكون الشارع غاضباً، بمعنى آخر، يُفسر الإعتدال أحيانًا كـ "ضعف في الموقف" لأن الناس تحب المواقف الجريئة والواضحة بينما هم لا يدرون، بأن السياسة الأردنية محل اعتدال مدروس وليس صعفًا، لكن طريقة تواصلها مع الناس جعلت ظهور “الحكمة” أقرب الى “التردد” وحاشا للأردن أن يكون متردداً بمواقفه لكنه يلعب لعبة دقيقة، إن اندفع خسر استقراره، وإن سكت خسر شعبيته، لهذا، نراه يمشي على خيط رفيع جدًا ما بين المبدأ والمصلحة.
بإختصار شديد، الأردن أقرب بمواقفه الى الهدوء، فنحن لا نسمع منه تصريحات نارية وخطوات مفاجئة، ونراه على الدوام، واقف على رجليه وسط كل الفوضى التي حوله، ومن يدقق أكثر يفهم أنه لا يلعب لعبة الصوت العالي بل لعبة البقاء الذكي، يبقى دولة صغيرة بحجمها كبيرة بدورها لكن قدره أن يحتل موقع حساس جدًا في المنطقة لذا كان لزاماً عليه أن يعرف متى يحكي ومتى يسكت ليس خوفًا بل حتى لا يخسر توازنه، نحن نعرف أن بعض الناس قد لا تحب هذا النمط، لكن ثبت بالوجه القاطع أن اعتدال السياسة الخارجية للأردن هي من جعلته "واقف" بينما غيره قد "وقع".
.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-10-2025 01:32 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |