بقلم : الدكتور فارس العمارات
حينما نذكر غزة وما يدور فيها من إبادة وتجويع واعدامات ، فاننا نتذكر سربرنيتسا ، المذبحة الكبرى امام اعين القوات الهولندية العاملة ضمن قوة حفظ السلام في البوسنة والهرسك آنذاك . وامام اعين العالم الرمداء اجمع ، في البوسنة والهرسك ، فمع مطلع 1995 أحكم الصرب حصار سربرنيتسا وقضوا على كل جيوب المقاومة حولها، وفي 7 تموز من العام نفسه شنوا هجوما واسعا للسيطرة على المدينة بقيادة الجنرال رادكو ملاديتش. وشرعوا في تصفية كل من صادفوه في طريقهم، ويُقدَّر أنَّ ما لا يقل عن أربعة آلاف شخص .أغلبهم أطفال ونساء وعجزة؛ قضوا بنيرانها في أسبوع واحد.وانسحبت المقاومة البوسنية في طوابير تفاديا لحقول الألغام الكثيرة، ولكن سرعان ما حصارها الصرب وكان أغلبُ المنسحبين بلا أسلحة، ورغم ذلك دارت معارك عنيفة بين الجانبين استمرت يوميْ 11 و12 تموز، لكن رجحت الكفة للصرب في اليوم الموالي وتمكنوا من أسر أعدادٍ كبيرة من البوسنيين بينهم عجزة ونساء وأطفال، ونقلوهم إلى راتوناك حيث زارهم ملاديتش شخصيا وطمأنهم بأنهم سيحررون في عملية تبادل للأسرى. وهذا ما جرى في غزة حينما اقتحم المُحتل غزة من كل جوانبها برا وبحرا وجوا بكل ما اوتي من قوة ونيران ، فقتلوا ودمروا ، واعتلقوا الكثير المئات ، واقتادوا الكثير الى جهات غير معلومة وجدوا فيما بعد مُتشبثين بالأرض بعظامهم وكل ما فيهم من روح .
وفي 14 تموز نقل هؤلاء المعتقلين إلى جهات مختلفة حيث أعدم ما بين 4 آلاف و5 آلاف شخص في عمليات تصفية ممنهجة ومنظمة، وفق تقديرات المحكمة الدولية الخاصة بيوغوسلافيا، في حين قُتل 4 آلاف آخرين خلال اقتحام القوات الصربية للمدينة، اليوم يجري نفس ما جري في غزة من إبادة غير مسبوقة واعدامات امام مرأى العالم اجمع .
وفي خضم ذلك يخرج علينا ترمب بخطة هوجاء عرجاء لا طائل منها سوى ان يبقى المُحتل جاثما على ارض الأنبياء ، يصول ويجول ويُعيث في الأرض خرابا وقتلاً وتدميرا ، فيما العرب يصفقون لترامب وخطة التي هي اجتثاث لكل ما في الأرض والانسان ، ولكل ما يمكن ان يكون له دور ي عمارة الأرض ضاربة بعرض الحائط وعلى مدار اكثر من 70 عاما كل ما في القانون الدولي والإنساني من هراء وكذب وكل ما فيه من معاني لا قمية لها امام شعب غزة ، وامام ارضها وكل ما فيها .
وبنفس المجريات التي جرى فيها اعتبار المحكمة الجنائة الدولية ما جرى ويجري في غزة إبادة من جماعية اعتبرت المحكمة الدولية الخاصة بيوغسلافيا مجزرة سربرنيتسا "إبادة عرقية"، لكنَّها رفضت عام 2006 تحميل المسؤولية للدولة الصربية مكتفية باتهامها بالتراخي في منع الإبادة. وفي المقابل، أدانت المحكمة زعيميْ صرب البوسنة رادوفان كراديتش وراتكو ملاديتش بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ، كما ادانت نتان هو وكاتس وبن غقفير وسموترتش، ولا زال شيطان العالم يحمي كل منهم من اية تهم تطالهم جراء ما اقترفوه طوال سنين طويلة ضد أرواح بريئة لا جمل وناقة لها سوى انها تبحث عن العيش بسلام.