02-10-2025 08:50 AM
بقلم : علي محمد الدراوشة
في الوقت الذي يتطلع فيه المواطن الأردني إلى مسؤوليهْ ، طامعًا بجرعة أمل أو بحل معاملة بسيطة قد تغيّر مسار يومه أو ربما مستقبله رأسًا على عقب ، يجد نفسه مُحاصرًا بجدارٍ عازل لا يَقلّ صلابة عن جدران الإسمنت، لكنه أشد إيلامًا لأنه جدارٌ من البشرِ ... جدار اسمه "الحاشية".
ما أصعب أن يقف المواطن البسيط على أبواب المسؤول، يتأبط أوراقه، يحمل في قلبه رجاءً وفي عينيه أملًا، ثم يتفاجأ أن الطريق إلى الوزير أو المدير العام ليس طريقًا مستقيمًا، بل طريقًا مُتعرجا مليء بالمنعطفات والصعّاب.
أصحاب المعالي والعطوفة في مملكتنا الحبيبة ، ما زالوا أو هكذا يُصوَّرون لنا ، مشغولين على الدوام، وكلما هممت بالطرق على أبوابهم يتفوه حاشيتهم لك بجملهم المعتاده والمألوفة : "معاليه في اجتماع، عطوفته غير متاح، سيادته مشغول ... راجعنا بعد فترة"،
وكأن الاجتماع لا ينتهي، وكأن الانشغال قدرٌ مكتوب عليهم !
المفارقة المؤلمة والحزينة أن كثيرًا من المواطنين لا يطلبون المستحيل، بل يسعون أحيانًا إلى توقيع ورقة، أو إيصال فكرة، أو نقل مظلمة، لكن الحاشية تحرس الأبواب وكأنها تحمي أسرار الدولة العظمى! وفي هذا الصدد أطرح تساؤلا مفادهُ، هل أصبحت المكاتب عواصم مصغّرة لا يُسمح بدخولها إلا بتصريحٍ خاص؟ وهل تحوّل الوزير إلى شخصية أسطورية لا تُرى إلا في المناسبات والصور الرسمية؟
في الحقيقة أن الوزراء وذوي المناصب وُجدوا لخدمة الناس وسماع أنينهم وأوجاعهم وحل مشكلاتهم، لا ليتحصنوا خلف الحواشي، فالمسؤول الذي لا يسمع صوت المواطن لا يستحق لقب المسؤول، ولا يستحق أن يبقى بمنصبهِ لحظة واحدة.
إن حاجتنا اليوم إلى كسر هذه الحواجز ليست ترفًا ولا طلبًا زائدًا، بل هي واجب يفرضه الدستور، وحق يكفله القانون، وأمانة في أعناق كل من حمل لقب "معالي" أو "عطوفة". فالمكتب الذي لا يتسع لصوت المواطن، سيتسع حتمًا لصرخة الغضب يوماً ما.
لسنا بحاجة الى وزراء جالسين في مكاتبهم تحت المكيفات بل نحتاج إلى وزراء يفتحون أبوابهم قبل قلوبهم، إلى مسؤولين لا يستثقلون لقاء الناس، إلى إدارات تُدرك أن الاجتماع الأهم هو ذاك الذي يُعقد مع المواطن البسيط، لا مع أوراق الملفات التي قد لا تنتهي.
ولعل السؤال الجوهري الذي يفرض نفسه: متى سندرك أن المواطن ليس متطفلًا على وقت الوزير، بل هو صاحب الحق الأول فيه؟ ومتى نكسر عرف "الحاشية" الذي جعل الوصول إلى المسؤول معركة خاسرة قبل أن تبدأ؟
يا أصحاب المعالي والعطوفة، تذكّروا دائما أنكم لم تصلوا إلى مناصبكم لتُحصّنوا أنفسكم خلف الأبواب المغلقة، بل لتكونوا جسورًا بين الدولة وشعبها.
فافتحوا النوافذ، وأزيحوا الحواجز، وكونوا على مقربة من الناس... فهُم السبب الأول لوجودكم.
علي دراوشه
٢/ اكتوبر
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-10-2025 08:50 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||