29-09-2025 08:19 AM
بقلم : الدكتور محمد الهواوشة
بصراحة، لم يعد خافياً على أحد أن الكاميرات التي انتشرت في شوارع الأردن لم توضع من أجل حماية الأرواح أو تقليل الحوادث كما يقال، بل تحولت إلى مصائد جباية تلاحق المواطن صباح مساء تحت شعار "السلامة المرورية".
لعبة السرعات المصطنعة
وأنا أقود سيارتي مؤخرا على أحد شوارع عمان، فوجئت بطابور سيارات يخفّف سرعته فجأة أمام لوحة إنذار ثم يعود إلى طبيعته بعد أمتار قليلة. السرعة هناك خُفّضت بشكل غير منطقي. قلت في نفسي: هل هذه فعلاً خطوة لحماية السائقين؟ أم مجرد مصيدة جديدة لجمع الغرامات؟! أصبحنا نقود ونحن نلتفت يمينا ويسارا، لا خوفا من الحوادث بل خوفا من "عين إلكترونية" لا ترحم.
فضيحة الخصوصية
الموضوع لم يعد مرتبطا بالسرعة فقط. بعض الكاميرات باتت تراقب تفاصيل حياتك داخل السيارة: هل وضعت الحزام؟ هل أمسكت الهاتف؟ هل شربت ماء أو أكلت لقمة؟! بأي حق تتحول سيارتي الخاصة إلى ساحة مراقبة مفتوحة؟ هذا ليس ضبطا للمرور، بل تدخل فجّ في الخصوصيات وتجسّس لا يقبله عقل.
المقارنة التي تكشف النوايا
لنكن منصفين… في أمريكا وأوروبا هناك كاميرات منذ سنوات طويلة، لكن وظيفتها واضحة ومحددة: ضبط السرعة، مراقبة الإشارات، وتنظيم المرور. نادرا ما تُستخدم للتدخل في خصوصيات السائق. الأولوية هناك هي حماية الإنسان. أما هنا، فالرسالة واضحة: جيب الإنسان هو الهدف.
الحقيقة المُرّة
بدل أن نرى استثمارا في إصلاح الطرق، أو معالجة الحفر، أو توسيع الأرصفة، أو حتى تطوير وسائل النقل العام، تفاجئنا الدولة بشراء أحدث الكاميرات وأغلاها ثمنا! كأن الأولوية ليست لسلامة المواطن على الطريق، بل لزيادة المخالفات وتوسيع موارد الجباية.
المفارقة مؤلمة: الشوارع محفورة، الأرصفة مكسّرة، لكن الكاميرات "أحدث موديل"!
الخلاصة والدعوة للتحرك
نحن لسنا ضد القوانين ولا ضد حماية الأرواح، لكننا ضد تحويل المواطن إلى ماكينة دفع متنقلة. آن الأوان أن تتحرك الحكومة ومجلس النواب لمراجعة هذه السياسات الجائرة، ووضع معايير عادلة وشفافة في مواقع الكاميرات وأهدافها.
التكنولوجيا يجب أن تكون لخدمة الناس وحمايتهم، لا لابتزازهم.
فكرامة الأردني أغلى من أن تُقاس بمخالفة، وجيبه ليس خزينة مفتوحة لتمويل العجز.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-09-2025 08:19 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |