25-09-2025 04:57 PM
بقلم : م. أحمد يوسف الشديفات
يشهد الأردن في السنوات الأخيرة زخماً متنامياً في استضافة الفعاليات الدولية الكبرى، ما يعزز مكانته كوجهة إقليمية رائدة في سياحة المؤتمرات والمعارض. هذه الصناعة التي تتجاوز قيمتها عالمياً التريليون دولار سنوياً، باتت من أسرع القطاعات نمواً وأكثرها تأثيراً في دعم الاقتصادات الوطنية وتحريك عجلة التنمية المحلية.
الأردن يمتلك مقومات فريدة تجعله مؤهلاً بقوة للريادة في هذا المجال، فموقعه الجغرافي الاستراتيجي يربط بين ثلاث قارات، واستقراره السياسي والأمني يمنح المشاركين ثقة عالية، إلى جانب ما يتميز به من بنية تحتية متقدمة تشمل مراكز المؤتمرات العالمية والفنادق الكبرى والمرافق السياحية المتنوعة، فضلاً عن طاقات شبابية مؤهلة قادرة على إدارة وتنظيم مثل هذه الفعاليات وفق أرفع المعايير.
ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني عبّر بوضوح عن هذا التوجه بقوله: "الأردن لن يكون متفرجاً على التحولات العالمية، بل سيكون في قلبها، نصنع موقعنا في المستقبل عبر الاستثمار في شبابنا وطاقاتنا." هذا التصريح يعكس رؤية قيادية شابة ترى أن المؤتمرات ليست مجرد منصات للحوار بل أداة استراتيجية لتثبيت موقع المملكة على الخريطة الدولية كمنصة للعلم والتكنولوجيا والاقتصاد.
انعكاسات هذا التوجه تتجسد في تنشيط قطاعات الفنادق والمطاعم والنقل والخدمات اللوجستية، وزيادة الطلب على المنتجات المحلية، وفتح أبواب التعاون مع مؤسسات دولية كبرى. وبقدر ما تحقق هذه المؤتمرات قيمة اقتصادية مباشرة، فإنها أيضاً تسهم في تسويق الأردن كوجهة استثمارية وسياحية في آن واحد، ما يمنحها بعداً استراتيجياً طويل المدى.
ولتعظيم العوائد من هذا القطاع، يمكن للحكومة والشركاء المعنيين المضي في خطوات عملية تعزز البنية الداعمة لسياحة المؤتمرات، مثل إطلاق تأشيرة سياحة المؤتمرات التي تمنح المشاركين تسهيلات دخول وإقامة، مع ربطها ببرامج سياحية قصيرة للتعرف على الوجهات الأثرية والطبيعية في المملكة. كما يبرز مقترح التوسع في بناء مراكز مؤتمرات حديثة في المحافظات مثل العقبة وإربد والزرقاء، بما يحقق توزيعاً عادلاً للعوائد الاقتصادية ويدعم التنمية المحلية.
ومن بين الأفكار التي تستحق الدراسة أيضاً إنشاء منصة وطنية موحدة للمؤتمرات، تكون بمثابة البوابة الإلكترونية الرسمية التي تعرض جدول الفعاليات، وتتيح التسجيل، ودفع الرسوم، والحصول على التأشيرة في خطوة واحدة. هذه المنصة يمكن أن ترتبط بأنظمة الطيران والفنادق، بما يحول المشاركة في أي مؤتمر إلى تجربة سلسة ومتكاملة.
إلى جانب ذلك، يمكن ربط بعض الفعاليات بالجامعات ومراكز البحث العلمي في المملكة، بما يوفر فرصاً لطلبة الدراسات العليا والباحثين للتفاعل مع الخبراء الدوليين، كما يمكن تقديم حزم سياحية مخصصة للمشاركين تتضمن جولات ثقافية إلى البتراء وجرش والبحر الميت، ما يعزز الجانب الترويجي والسياحي للأردن.
كل هذه الخطوات ستجعل من الأردن أكثر من مجرد بلد مضيف، بل منصة إقليمية لصناعة المؤتمرات والمعارض، ومركزاً حيوياً يجمع بين المعرفة والاقتصاد والسياحة والثقافة. والواقع أن الزخم الحالي يشير بوضوح إلى أن المملكة تسير بخطى واثقة نحو ترسيخ نفسها كوجهة عالمية في هذا القطاع الحيوي، مستفيدة من رؤيتها المستقبلية، ومكانتها الاستراتيجية، وشبابها الطموح.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-09-2025 04:57 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |