21-09-2025 08:29 AM
بقلم : الدكتورة فاطمة العقاربة
في أعمال ملتقى مستقبل الإعلام والاتصال في نسخته الثالثة، الذي عقد في العاصمة الأردنية عمّان، برزت تحذيرات دولية من استهداف الصحفيين في الحرب على غزة، إلى جانب مناقشات مستفيضة حول تأثير الذكاء الاصطناعي ومنصات التواصل على مستقبل المهنة.
منذ بداية الحرب على غزة، تصاعدت الأصوات الدولية المنددة باستهداف الصحفيين، حيث وُصفت الأوضاع بأنها غير مسبوقة. وفقًا لإحصائيات لجنة حماية الصحفيين (CPJ)، فقد شهدت الحرب مقتل ما لا يقل عن 103 صحفيين، مما يجعلها الصراع الأكثر دموية للصحفيين منذ بدء التسجيل قبل 31 عامًا. الأمين العام للاتحاد الدولي للصحفيين، أنطوني بيلانجي، أكد أن "لم يحصل في التاريخ أن قُتل هذا العدد من الصحفيين في وقت قصير"، مشددًا على أن حماية الصحفيين "ليست خيارًا بل التزامًا" يتوجب على الدول ضمانه.
وفي سياق موازٍ، ناقش الملتقى تأثير الذكاء الاصطناعي على العمل الإعلامي. المتحدثون حذروا من مخاطر استبدال الذكاء البشري الإبداعي بالذكاء الاصطناعي، خاصة في المجالات الإعلامية الحساسة. وأكدت الدراسات، بما فيها أبحاث من كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد (2023)، أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يعزز الإنتاجية في المهام الروتينية، لكنه لا يستطيع محاكاة العمق الاستراتيجي والحدس الإنساني. كما شددت اليونسكو على ضرورة تطوير "الدراية بالذكاء الاصطناعي" لدى الصحفيين لمواجهة محتوى "الديب فيك" والتضليل.
أما على صعيد حرية التعبير، فقد أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، أن رؤية الأردن تقوم على مفهوم "الحرية المسؤولة"، معتبرًا أن التضليل الإعلامي "آفة" تهدد الأمن الوطني. لكن خبراء في الملتقى حذروا من أن القوانين الفضفاضة لمكافحة "الأخبار المزيفة" قد تُساء استخدامها لقمع حرية التعبير، وهو ما أكدته أبحاث نُشرت في دورية Information, Communication & Society.
المناقشات امتدت أيضًا إلى تعقيد الروايات الإقليمية. الباحثة في الشأن الإيراني فاطمة الصمادي نفت أن تكون المقاومة الفلسطينية "ذراعًا لإيران"، بينما حذر أستاذ العلاقات الدولية الدكتور حسن البراري من أن المجتمع الفلسطيني "مستهدف للتقسيم". هذا الطرح تلاقى مع تحليلات مراكز أبحاث، مثل معهد كارنيغي للسلام الدولي، التي حذرت من مخاطر تحول الصراع إلى نزاع طائفي او عقدي .
وفي سياق آخر، برزت نقاشات حول البودكاست كإحدى منصات الإعلام الجديد التي أثارت جدلاً واسعًا. فبينما اعتبرها البعض مساحة حرة لتداول الأفكار بعيدًا عن قيود المؤسسات التقليدية، رأى آخرون أنها تحولت في كثير من الأحيان إلى منابر للفوضى وترويج السطحية. غياب المعايير المهنية جعل بعض البودكاست أقرب إلى "غرف دردشة" مفتوحة، تتداخل فيها الحقائق مع الآراء الشخصية والافتراضات غير الموثقة، ما يربك المتلقي ويُضعف مناعته أمام التضليل.
كما أثيرت مسألة "المؤثرين" على منصات التواصل الاجتماعي، الذين يتجاوز تأثيرهم في أحيان كثيرة وسائل الإعلام التقليدية. ومع أنهم يمتلكون قدرة واسعة على الوصول إلى الجمهور، إلا أن غياب الالتزام المهني عند عدد كبير منهم ساهم في تشويه الوعي والعبث بأسس الإعلام. واعتبر خبراء مشاركون أن هؤلاء المؤثرين يركضون خلف "الترند" أكثر من الحقيقة، ويغلبون الإثارة على المصداقية، ما يعزز ظاهرة "اقتصاد الانتباه" التي تقوم على الجذب اللحظي دون أي التزام بالقيم الإعلامية.
إذ ما تزال النقاشات مفتوحة، تعكس حيوية القضايا المطروحة وتشابكها بين السياسي والتقني والإعلامي.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-09-2025 08:29 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |