حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,20 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6911

سيرينا الزعبي تكتب: الإعلانات الوظيفية: عندما تتحول الفرص الى أوهام

سيرينا الزعبي تكتب: الإعلانات الوظيفية: عندما تتحول الفرص الى أوهام

سيرينا الزعبي تكتب: الإعلانات الوظيفية: عندما تتحول الفرص الى أوهام

20-09-2025 01:22 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : سيرينا الزعبي
ملاحظة : تجربة شخصية تتحول إلى مرآة تعكس خللًا متكررًا في سوق العمل... حيث تختلط المهنية بالتمثيل، وتصبح المقابلات فقرة ترفيهية باسم التوظيف."

في الآونة الأخيرة، تُعلَن العديد من الفرص الوظيفية عبر مواقع رسمية، إلا أن المتأمل في هذه الإعلانات يلاحظ خللاً واضحًا في طريقة عرضها، وكأنها كُتبت على عجل أو بلا دراية.
فبعض هذه الإعلانات تأتي ناقصة المحتوى؛ يُذكر فيها عنوان الوظيفة فقط، دون توضيح للمهام المطلوبة، أو الشروط والمؤهلات، أو حتى أية تفاصيل عن بيئة العمل والامتيازات.
بل إن بعض الإعلانات تغفل حتى عن ذكر اسم الشركة أو موقعها، مما يثير تساؤلات حول الجدية والمهنية في الطرح.

ضعف معرفة مسؤولي التوظيف وإعلانات مبالغ فيها

وإلى جانب ذلك، يُلاحظ في كثير من الأحيان قصور واضح في فهم مسؤولي التوظيف للتسلسل الصحيح لعمليات الاستقطاب وإجراءات التعيين.
فهم لا يمتلكون تصورًا واضحًا عن الفروق بين التصفية الأولية، وإجراء المقابلات، وتقييم الكفاءة، وآلية الاختيار والتغذية الراجعة.
ويظهر هذا القصور جليًا في الإعلانات الوظيفية التي تطلب خبرة سنوات في وظائف بسيطة لا تستدعي أي خبرة أصلاً، مثل وظيفة موظفة استقبال ، ومحاسبة العملاء.

ففي مؤسسات كثيرة، يُشترط للقبول في وظيفة استقبال خبرة لا تقل عن سنتين أو ثلاث، وكأن المطلوب مدير عمليات لا يُجيب على الهاتف أو يُنسّق المواعيد ، واعداد المعاملات الادارية اليومية.
رغم أن مثل هذه المهام — حتى وإن كانت ضمن نظام إداري معقد — لا يُتقنها الموظف إلا من خلال الممارسة الفعلية بعد التعيين.

والأغرب من ذلك أن الشركات تملك أصلاً الحق — وفق قانون العمل — بإنهاء خدمات الموظف خلال أول ثلاث أشهر إن لم يكن مناسبًا، مما يجعل الإصرار على "الخبرة السابقة" نوعًا من التعسّف غير المنطقي... بل وأحيانًا نوعًا من التحايل لفرز الناس لاختيار فئة بعينها.
أما ما هو أكثر غرابة، فهو ما يحدث بعد التقديم.
فبعض الجهات تتواصل مع المتقدمين لإجراء مقابلات، ثم تنحرف عن مسار المهنية، فتُطرح أسئلة لا علاقة لها بطبيعة الوظيفة، وأخرى تدخل في إطار الخصوصية بشكل لا مبرر له.
وبعد كل ذلك؟ لامتابعة، ولا رد، ولا حتى رسالة اعتذار أو رفض.
فهل تحولت مقابلات العمل إلى فقرة ترفيهية قصيرة في يوم موظف الموارد البشرية؟
أم أن بعض المؤسسات قررت تجربة مهارات "الاستكشاف الاجتماعي" بدلاً من استقطاب الكفاءات؟
في ظل هذه الفوضى، يبدو أن الباحث عن عمل يحتاج ليس فقط إلى سيرة ذاتية، بل إلى سحر خاص يقنع المُقابل بأنه لا يبحث عن وظيفة... بل عن تجربة روحية عابرة!
ومن المشاهد المتكررة التي تعكس ضعف المهنية، أن يتواصل بعض مسؤولي التوظيف مع المتقدمين دون الرجوع الجاد إلى سيرهم الذاتية، ثم يدعونهم إلى المقابلة وكأنهم يكتشفونهم للمرة الأولى.
وأثناء المقابلة، يبدأ الحديث بأسئلة من قبيل: "ما تخصصك؟" أو "ما هي خبراتك السابقة؟"، وحين يكتشف المسؤول أن خبرات المتقدم لا تنتمي لذات القطاع الذي تعمل فيه المؤسسة، يُنهي اللقاء بجملة جاهزة: "عذرًا، لا يوجد لدينا وظيفة تناسبك."
وكأن مسؤول التوظيف لم يكن يملك منذ البداية الإمكانية أو الرغبة في قراءة السيرة الذاتية التي أُرسلت إليه، ومع ذلك يُحمَّل المتقدم عبء الحضور، والانتظار، والإحباط.

الواسطة والإعلانات الوهمية والمقابلات كنوع من التسلية

وفي نهاية المطاف، لا تُثمر هذه الإعلانات عن شيء.
فإما أن يكون الاختيار محسومًا مسبقًا لصاحب "الواسطة" الأقوى، أو لا يتم اختيار أي أحد على الإطلاق، لأن الإعلان لم يكن حقيقيًا من البداية، بل مجرد إجراء شكلي أو غطاء قانوني لمخالفة ما.
أما المقابلات، فقد تحوّلت إلى أنشطة موسمية للترفيه عند بعض موظفي الموارد البشرية.
يمضون الوقت في طرح الأسئلة الغريبة، أو مراقبة ردود الفعل، ثم يختفون كما جاءوا، بلا توضيح، ولا اعتذار، ولا حتى رد رسمي... كأنهم يقولون لك:
"كنّا فقط نختبر شعورك بالرفض.
شكرًا لمشاركتك!"

ويبقى السؤال المُحيّر في نهاية كل هذا المشهد:

كيف يُمنح شخص يجهل أبسط أساسيات كتابة إعلان وظيفي، موقعًا مسؤولًا في إدارة الموارد البشرية؟

إن كان لا يُجيد الصياغة ولا يملك فهمًا حقيقيًا لأساليب الاستقطاب، فبأي منطق أُوكلت إليه مهام التوظيف، وفرز المتقدمين، وتحديد الكفاءات؟

هل أصبحت المناصب تُمنح لا على أساس الكفاءة والخبرة، بل وفق معايير أخرى لا تُكتب في السير الذاتية؟

وإن كان هذا هو حال من يختار، فكيف سيكون حال من يتم اختياره؟











طباعة
  • المشاهدات: 6911
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
20-09-2025 01:22 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم