20-09-2025 01:15 PM
بقلم : المهندس ثائر عايش مقدادي
في ساحات الشرف تُكتب أقوى الحكايات، وحين تتقاطع الأرض والوفاء والدم، ينهض الأردنيون بكلّ ما فيهم من إرادة وصبرٍ وتضحية. لا يقدّم الوطن مطالبًا، بل يستدعي أبناءه ليدفعوا الثمن إذا هددت سيادته أو تعرضت حمايته للخطر. هذه ليست مجرد كلمات تُقال في المناسبات، بل روحٌ تسري في عروق أجيالٍ امتدت من جبالٍ وصحارى ومدنٍ لتمدّ الوطن بحصنٍ من الرجال والنساء، وبقلبٍ لا يرتجف أمام العدو.
الوجوه التي تمنيت أن تراها عند الشدائد هي وجوه الأردنيين: ضابطٌ يرفع العلم رغم الدخان، جنديٌ يثبّت موقفه بدلًا من أن يترك وطنه، مواطنٌ يشارك في الخطوط الخلفية يدًا بيد مع الجيش، وأمٌّ تصلي وتدعو وتحتضن صورة ابنها وتفتخر به. هذه التضحيات ليست حكاية فردية، بل نسيجٌ اجتماعي متكامل: جيشٌ مهني، شعبٌ واعٍ، وقيادةٌ حازمة تعرف متى تُصون الوطن ومتى تُحارب بالسياسة والحكمة.
تضحياتنا تتجلّى في لحظاتٍ لا تُنسى: عندما تواجه الأرض من يريد أن يطأها أو يعبث بحدودها، يكون الأردنيون في الموعد. في حماية الحدود، في تثبيت الأمن، في الاستعداد دائماً للتصدي لأي اعتداءٍ يهدد سيادتنا. ليس الهدف أن نحتفل بالعنف، بل أن نعتز بالعزيمة التي تجعل الاردني يواجه الخطر دون تردد، ويحمي أهله وبيته وكرامته. هذه عزّة لا تُشترى، وهذه شجاعة لا تُسوّق.
وليس العدو دائماً خارج الحدود وحدها؛ فمواضع الخطر تأخذ أشكالًا متعددة—تضليلٌ، اختراقاتٌ إعلامية، محاولاتٌ لزعزعة اللحمة الوطنية. هنا أيضاً تتجلى تضحيات الأردنيين: معلمٌ يربي أجيالاً على الانتماء، صحفيٌ يثبت الحقيقة، حكومةٌ تعمل ليلاً نهاراً للحفاظ على مؤسسات الدولة. الدفاع عن الوطن سيادةٌ شاملة: حدودًا، أمنًا، اقتصادًا، وثقافةً. كل قطعة من هذا الكيان تحتاج إلى تضحية من نوعٍ ما، و الأردنيون لم يتأخروا في العطاء.
نخَبّئ في صدورنا قصصًا لا تُروى للعامة—حكايات أولئك الذين ضحّوا بأنفسهم لكي تبقى الراية عالية. ضحايا رحلوا، جرحى لا يزالون يلبسون شارات الفخر، وأسرٌ قدّمت غالياً ونال الوطن المجد. لكنّ أقوى صفاتنا ليست في من استُشهد، بل في من بقي: من يحمل رسالة الاستمرار والبناء، من يحوّل الألم إلى عزيمة، ومن يُسهم في إعادة بناء ما خربه الخصم أو الزمن.
الجيل الجديد يحتاج أن يعرف التاريخ ليصون الحاضر. علينا أن نغرس في شبابنا أن الدفاع عن الوطن ليس شعاراتٍ على الحيطان، بل هو سلوك يومي: احترام القانون، دعم المؤسسات الوطنية، تعزيز اللحمة الاجتماعية، والتحلي بالمسؤولية. الدفاع عن الوطن يبدأ من البيت والمدرسة وساحة العمل، ويتكامل في ساحات الدفاع الحقيقية عند الحاجة.
في النهاية، تضحيات الأردنيين في الدفاع عن الوطن ليست مجرد سلطة أو واجب محض؛ هي عهدٌ يُقدّمه كل مواطنٍ للوطن، هو وعدٌ بالوقوف عند اللحظة الحاسمة، وبأن نبقى درعاً وسيفاً لحماية السيادة والكرامة. لا نخشى القول: الأرض لنا، والحرية لنا، والسيادة فوق كل اعتبار. إن كان هناك صوت واحد يجب أن يُسمع على امتداد الجبال والسهل والحضر، فهو: الهدف موقعي — ارمي.
اللهم احفظ الأردن حصناً منيعاً، وارضاً عزيزة، وشعباً صابراً مرابطاً. اللهم اجعل رايته خفّاقة لا تنحني، وأرضه مصونة لا تُمسّ، وحدوده آمنة مطمئنة، وأهله في عيشٍ كريم وسلامٍ دائم.
اللهم أيّد قيادتنا الهاشمية الحكيمة، ووفّق جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين الحسين بن عبدالله لكل خير، واجعلهم سنداً للأمة ودرعاً للوطن، ووفقهم لما فيه عزّة الأردن ومنعته وكرامته.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-09-2025 01:15 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |