18-09-2025 10:20 AM
بقلم : الصيدلانية رنا أبو دياك
لقد شهدنا في السنوات الأخيرة ثورة حقيقية في عالم الطب، حيث أصبحت الخلايا الجذعية محط أنظار الأبحاث والعلاجات المتطورة.
ببساطة، الخلايا الجذعية هي خلايا أساسية غير متخصصة في جسم الإنسان، لديها قدرة فريدة على الانقسام والتجدد لتكوين أنواع مختلفة من الخلايا المتخصصة. يمكنها أن تتحول إلى خلايا عضلية، أو عصبية، أو خلايا دم، أو أي نوع آخر من الخلايا حسب الحاجة. هذه الخاصية تجعلها أشبه بـ "مفتاح سحري" يمكنه إصلاح الأنسجة التالفة، وتجديد الأعضاء المريضة، ومكافحة الأمراض المستعصية.
مصدر الخلايا الجذعية (من أين يتم جمعها؟)
كان المصدر الأكثر شيوعاً في البداية هو نخاع العظم حيث يتم سحب الخلايا الجذعية منه مباشرةً من عظم الحوض للمتبرع ، اما الان فأصبح الدم المحيطي هو المصدر الأكثر شيوعاً حيث يُعطى الشخص أدوية تحفز الخلايا الجذعية على مغادرة نخاع العظم والانتقال إلى مجرى الدم، ثم تُجمع من الدم ، كما اننا نستطيع الحصول عليه من دم الحبل السري حيث يُجمع من المشيمة والحبل السري بعد ولادة الطفل.
تتم عملية الزراعة للخلايا الجذعية المجمعة (سواء من نخاع العظم، أو الدم المحيطي، أو دم الحبل السري) في جسم المريض عن طريق وريد مركزي، أي تماماً مثل عملية نقل الدم أو السوائل الوريدية.
بمجرد دخولها إلى مجرى الدم، تمتلك هذه الخلايا "قدرة توجيه ذاتي" (homing ability)، حيث تجد طريقها بنفسها إلى نخاع العظم الفارغ في عظام المريض، وتستقر فيه لتبدأ بالنمو وإنتاج خلايا دم جديدة.
كما انها تستخدم اليوم في علاج العديد من الأمراض التي كان يُعتقد في السابق أنها غير قابلة للشفاء. فمثلاً، تُستخدم في علاج سرطانات الدم مثل اللوكيميا، حيث تُزرع خلايا جذعية سليمة لتعويض الخلايا المريضة. كما أنها تُظهر نتائج واعدة في علاج أمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الجهاز العصبي مثل الشلل الرعاش، ومرض السكري. إن إمكانياتها العلاجية لا حدود لها، وهي تمثل بارقة أمل للملايين حول العالم.
من أهم جوانب هذا الموضوع هو التوعية بأهمية حفظ الخلايا الجذعية عند الولادة. يمكن للأمهات والآباء أن يساهموا في تأمين مستقبل صحي لأطفالهم من خلال اتخاذ قرار حفظ الخلايا الجذعية الموجودة في دم الحبل السري بعد الولادة مباشرة. هذه الخلايا تكون غنية ونقية، ويمكن جمعها بسهولة وأمان في عملية غير مؤلمة للطفل أو الأم. يتم تخزينها في بنوك متخصصة لسنوات طويلة، لتكون جاهزة للاستخدام في حال احتاج الطفل، أو أحد أفراد عائلته، لعلاج في المستقبل.
إن اتخاذ هذا القرار هو استثمار في صحة الأسرة و خطوة وقائية تمنحنا راحة البال، وتفتح الباب أمام علاجات مستقبلية لم تكن متاحة من قبل.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
18-09-2025 10:20 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |