15-09-2025 09:37 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
حتى المواقف تحتاج إلى عناوين، والعنوان الذي وضعه جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين لموقفنا، وعبر عنه في اتصاله الهاتفي مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ونقله إليه مباشرة سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله (أمن قطر من أمن الأردن)، هذا العنوان لموقفنا له دلالات كثيرة تتعلق بالماضي والحاضر والمستقبل.
علينا أن نتذكر موقف الملك الحسين طيب الله ثراه من الحرب العراقية الايرانية ومن حرب الخليج الثانية وما تلاها من تطورات غيرت موازين العلاقات العربية العربية، والعلاقات العربية الإقليمية، كان موقفا في صميم مفهوم الأمن القومي المشترك وضرورة صيانته وتعزيز قوته في وجه التحديات، وقد أدرك الأردن أن أخطر ما حدث في ذلك الحين هو اختلال تلك المعادلة لصالح أعداء الأمة وخصومها ومنافسيها على مكانتها في المصالح الإقليمية والدولية، وبغض النظر عن الانطباعات السائدة وقتها وسوء الفهم إلا أن الأردن ثبت موقفه على هذا الأساس، أمننا كل لا يتجزأ، وإن اختلفت الجبهات أو تغيرت المعادلات!
لقد حدد الأردن موقع المواجهة وقتها (بالجبهة الشرقية) وحدد كذلك مصادر التهديد، وحين تعقدت الأوضاع إلى درجة كارثية وصولا إلى إسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين كانت المعادلة قد تبدلت كثيرا، لكن جلالة الملك عبدالله الثاني ثبت من جديد نظرية الأمن القومي المشترك، وظل ينادي بوضع إستراتيجية قومية مشتركة تعيد تنظيم الأوليات عسكريا وأمنيا وسياسيا واقتصاديا، مع إعادة تعريف مصادر التهديد، بناء على ما هو ظاهر للدول العربية من أنه متعدد الأطراف، وأن ما يعرف بالدول القوية في الإقليم تمارس جميعها بلا استثناء اشكالا من التدخل في الشؤون العربية، بل تتجاوز الحدود وتفرض نفسها على الأرض وعلى مصير دول مثل العراق وسورية ولبنان واليمن وليبيا.
الموقف الأردني من هذه الناحية واضح وثابت ومبدئي، وهو لم يساوم ولا لمرة واحدة على مصالحه المباشرة على حساب نظرية الأمن القومي، رغم العروض المغرية، والحاجة الماسة أحيانا، فقد تمسك بموقفه (تهديد أمن أي بلد عربي هو تهديد لأمن الأردن) وبالتالي فإنه لا يقف مكتوف الأيدي إذا ما تعرض أمن أي بلد عربي للتهديد والعدوان مثلما وقع مؤخرا على دولة قطر الشقيقة، فقد تم التعبير عن تضامن قوي ومتحد، ومجاور بالشكل الذي جلس فيه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية إلى جانب الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في جلسة مجلس الأمن الدولي ليس منددا بالعدوان الإسرائيلي وحسب بل واصفا (الحكومة المارقة) بأشد العبارات، ومحملا إياها مسؤولية ما قد يعقب هذا التهور من حروب لا نهاية لها، ومحملا مجلس الأمن كذلك مسؤولية السكوت عن حرب الإبادة في غزة، والاستيلاء على الضفة الغربية والقدس، ومذكرا من جديد إما حل الدولتين وإما دمار على الجميع، بل إنه يذهب إلى نهاية الشوط فيدعو المجلس إلى استخدام أدواته لكبح جماح حكومة اليمين والتطرف الإسرائيلي قبل فوات الأوان.
بالنسبة للأردن الأمن هو بيت القصيد، الأمن الداخلي لكل دولة عربية، والأمن المشترك بين الجميع، وهو يدرك أن الأمن كعملية متكاملة لا تقوم على التعبير عن النوايا، بل على الشعور المشترك بالتهديد الحقيقي والملموس، والعمل الفوري على صياغة الإستراتيجية المناسبة، خاصة وأن كل ما يجري في هذه المنطقة يتجاوز حدود المنطق والتوقعات بحيث لا بد من الحذر والاستعداد والردع، والرد من موقع القوة حين يكون خيارا لا مفر منه!
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-09-2025 09:37 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |