10-09-2025 10:36 AM
بقلم : زياد فرحان المجالي
منذ اللحظات الأولى للحادثة التي هزّت المنطقة، ظهرت تصريحات الإدارة الأميركية أشبه برقصة سياسية على حبل مشدود. فرغم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سارع في البداية إلى محاولة احتواء التوتّر، والحديث بنبرة هادئة عن ضرورة التهدئة، إلا أنّ هذه النبرة كانت تخفي وراءها الكثير من التناقضات.
فلم يصدر عن ترامب أي إدانة صريحة لما جرى، بل اكتفى بالتعبير عن "الأسف" من باب الدبلوماسية الباردة، وكأنّ الأمر لا يستحق موقفًا أكثر صلابة. والحقيقة أن هذا الموقف يكشف عن توجه أميركي مستمر في استخدام المواربة، حيث تسعى واشنطن للموازنة بين دعمها لحليفها الإسرائيلي من جهة، وبين رغبتها في الحفاظ على قنوات التواصل مع أطراف إقليمية أخرى من جهة ثانية.
لقد رأينا في مواقف سابقة كيف أن الإدارة الأميركية تبدو على دراية مسبقة بما سيحدث، لكنها تفضّل أن تترك الأمور تسير في اتجاه يخدم مصالحها، ثم تعود لتقدم نفسها في النهاية كوسيط سلام. وهكذا يمكن القول إن الموقف الأميركي الأخير ما هو إلا فصل آخر من فصول لعبة المراوغة السياسية التي اعتدنا عليها.
ومن الجدير بالذكر هنا أنه كان بإمكان ترامب، لو أراد فعلاً، أن يوقف هذه الضربة تماماً. فالدليل على ذلك واضح من سوابق مشابهة، حين كانت الطائرات الأميركية في طريقها لضرب إيران في إحدى المرات، فأصدر ترامب أمراً بالعودة وعادت الطائرات فوراً. هذا يثبت أن الولايات المتحدة لديها القدرة على تغيير المسار متى شاءت، وأن ما حدث لم يكن خارج نطاق السيطرة الأميركية بقدر ما كان جزءاً من لعبة سياسية أوسع.
إن ما نراه من المواقف الأميركية يكشف عن نمط مألوف من التلاعب السياسي، حيث تسعى الولايات المتحدة للظهور بمظهر الوسيط الحيادي، بينما تظل في الواقع صاحبة اليد الطولى القادرة على توجيه دفة الأحداث متى شاءت. وفي النهاية، تظل كل هذه التفاصيل تؤكد أن الحديث عن "كذب الأميركيين" ليس مجرد اتهام عابر، بل هو جزء من فهم أعمق لكيفية إدارة واشنطن للأزمات، واستخدامها لسياسة "الخطوة إلى الأمام والخطوتين إلى الخلف" للحفاظ على مصالحها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
10-09-2025 10:36 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |