حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,9 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 7192

جهاد المنسي يكتب: مراجعة لا بد منها .. النواب تحت الاختبار

جهاد المنسي يكتب: مراجعة لا بد منها .. النواب تحت الاختبار

جهاد المنسي يكتب: مراجعة لا بد منها ..  النواب تحت الاختبار

08-09-2025 08:46 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : جهاد المنسي
بعد مرور عام على تطبيق القوانين التي أوصت بها اللجنة الملكية لتحديث منظومة الإصلاح السياسي، تبدو الحاجة ملحة لوقفة مراجعة مسؤولة، ومعالجة أي ثغرات أو مواطن خلل برزت خلال التجربة، فالعمل التشريعي، مهما اتسعت رقعته من النقاشات والمداولات، يظل في النهاية اجتهاداً قابلاً للتطوير حين يواجه التطبيق العملي ويصطدم بالواقع، وهذا أمر طبيعي بل وصحي، لأن الإصلاح الحقيقي عملية تراكمية لا تُختزل في نصوص مكتوبة، بل تُقاس بمدى قابليتها للتكيف مع احتياجات المجتمع والدولة.

أن المراجعة المقترحة لا تعني بأي حال من الأحوال التراجع عن مشروع التحديث السياسي، فمشروع التحديث خيار إستراتيجي للدولة في مئويتها الثانية، وهو مشروع ملكي لا مجال للمساومة عليه، لكن هذا المشروع يحتاج مثل أي مشروع كبير لإعادة تقييم دورية، حتى لا يتحول لنصوص جامدة أو عناوين جميلة لا تجد طريقها التطبيق، والمراجعة هنا تأكيد على قوة المشروع، وليست علامة ضعف فيه.
كما أن المراجعة توفر فرصة لمعالجة الفجوة بين مجلس النواب والمواطنين الذين ينظرون بعين الشك إلى المؤسسة التشريعية، ولذلك لا بد أن يستفيق المجلس ويطور أدواته والالتفات بشكل فوري لهذا الموضوع وعدم إضاعة الوقت في مشاحنات لا جدوى منها ولا فائدة، والتي انعكست سلباً على صورته أمام الرأي العام.
القوانين الجديدة، التي حملت عناوين كبرى مثل قانون الانتخاب والأحزاب، جاءت محمولة على رؤية ملكية واضحة أرادت أن تفتح الباب أمام حياة حزبية فاعلة، وتؤسس لبرلمان برامجي يعبر عن إرادة الناس وينقلهم من حالة الفردية والمصالح الضيقة إلى رحاب العمل السياسي المنظم، وخلال عام من التطبيق، برزت مؤشرات مهمة، بعضها مشجع وبعضها الآخر مثير للتساؤل، وهو ما يجعل المراجعة ضرورة وليست خياراً.
على صعيد المشاركة السياسية، ظهرت ملامح أولية لتشكل أحزاب جديدة أو اندماجات بين أحزاب قائمة، لكن الصورة ما تزال ضبابية، وكثير من هذه الكيانات لم يستطع أن يثبت حضوره الحقيقي على الأرض، فظهرت فجوة بين النصوص التي تمنح الأحزاب مساحة للعمل وبين قدرة هذه الأحزاب على استثمار تلك المساحة فعلاً، هذا الخلل لا يعالج بالتراجع عن النصوص، بل بالبحث عن أدوات وآليات تدعم التجربة وتحميها من الانتكاس، والبحث عن السبب الذي عطل التجربة الحزبية من أساسها.
قانون الانتخاب بدوره أتاح فرصة لتوسيع التمثيل الحزبي عبر القوائم الوطنية، لكن التجربة أظهرت أن المواطن ما زال متردداً في التصويت على أساس حزبي، وأن ثقافة الناخب لم تلحق بعد بسرعة النصوص، وهنا تتجلى أهمية المراجعة، فالمطلوب أن نعيد النظر في بعض التفاصيل الإجرائية التي تعالج الفجوة بين الناخب والحزب، وفتح نقاشاً جدياً حول معايير العدالة في توزيع المقاعد، وضمان تمثيل الفئات المختلفة دون أن يشعر أي طرف بالتهميش، اذ أن أي قانون مهما بدا متماسكاً في نصوصه، يظل عرضة لاختبارات الواقع، والتجربة وحدها هي التي تكشف عن الثغرات، وعن التفاصيل التي لم تكن حاضرة في ذهن المشرع ساعة صياغة النص، هذا ما يجعل مراجعة التجربة بعد عام خطوة طبيعية، لأن مرور الوقت سمح بانكشاف بعض العور الذي لم يكن مرئياً، وأظهر الحاجة لضمانات إضافية تدعم الهدف الأساسي المتمثل في «برلمان حزبي حقيقي وحياة سياسية أكثر نضجاً».
بالمجمل فان التحديث السياسي مشروع طويل المدى، يحتاج لصبر وإرادة سياسية وشجاعة في الاعتراف بالأخطاء وتصويبها لكي تبقى النصوص حية وفاعلة وقادرة على إنتاج واقع سياسي أفضل للأردنيين، مع التأكيد على أن مجلس النواب عليه تحمل مسؤولية الاستجابة لمتطلبات التطوير وعدم تشتيت الجهود في صراعات غير مفيدة، حفاظاً على مصداقيته أمام المواطنين.











طباعة
  • المشاهدات: 7192
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
08-09-2025 08:46 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم