حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,19 نوفمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 9999

المجالي يكتب: من "لجوء حيواني" إلى تجويع شعب: فضيحة جديدة تكشف وجه الاحتلال

المجالي يكتب: من "لجوء حيواني" إلى تجويع شعب: فضيحة جديدة تكشف وجه الاحتلال

المجالي يكتب: من "لجوء حيواني" إلى تجويع شعب: فضيحة جديدة تكشف وجه الاحتلال

03-09-2025 12:22 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : زياد فرحان المجالي

بينما يعيش أكثر من مليوني إنسان في غزة على حافة المجاعة، وبينما يصرخ الأطفال من شحّ الحليب، وتبحث العائلات عن كسرة خبز تحت الركام، انشغلت إسرائيل بتصدير رواية مضحكة ومؤلمة في آن واحد: "إنقاذ الحمير" من غزة.

رحلات جوية خرجت من القطاع عبر مطار لييج البلجيكي، حملت حيوانات وُصفت بأنها "منهكة ومريضة"، ليُقدَّم الأمر في الإعلام الغربي كإنجاز إنساني. لكن الصحف البلجيكية نفسها، مثل The Brussels Times، كشفت أن القصة ليست إنسانية بقدر ما هي سياسية، وأن الهدف الحقيقي هو تجريد الغزيين من أبسط وسائل البقاء، حتى الحمير التي يعتمدون عليها في نقل الماء والدواء والمؤن.

المفارقة الصارخة أن هذه العمليات تتم في لحظة يُمنع فيها الغذاء والدواء عن البشر. بينما يواصل الاحتلال حصاره الخانق، ويعرقل إدخال المساعدات، ويمنع الوقود، تُفتح الممرات لنقل الحيوانات. إسرائيل التي تغلق المعابر بوجه شاحنات القمح، تفتحها بسلاسة لنقل الحمير، لتُصدِّر صورة زائفة عن "الرأفة" و"الإنقاذ".
هذه ليست حادثة معزولة. بل تأتي في سياق طويل من سياسات الاحتلال التي توظّف كل شيء كسلاح:
التجويع: عبر حصار ممنهج منذ 17 عامًا، وبتصريح رسمي من وزراء إسرائيليين بأن "التجويع وسيلة ضغط".
الماء: تدمير البنية التحتية وشبكات المياه، وترك الناس يشربون مياهاً ملوثة.
الصحة: منع دخول الدواء، وإغلاق المستشفيات تحت القصف.
المأوى: تدمير البيوت وتحويل الناس إلى خيام لا تصلح للعيش.
الآن يُضاف إلى هذه القائمة "الجوء الحيواني"، الذي يفضح ازدواجية المعايير: إنقاذ الحيوان وتسويقه إنجازًا، وترك الإنسان يواجه الموت البطيء بلا حماية.
حتى الصحافة البلجيكية لم تُخفِ صدمتها. مقالات وتحقيقات أشارت بوضوح إلى أن مطار لييج استُخدم في هذه الرحلات، وأكدت أن ما يجري "مسرحية إنسانية" تفتقر إلى المعنى، لأن الحيوان يُرحَّل بينما يُترك الإنسان في الجوع والحصار. منظمات أوروبية كذلك انتقدت بشدة هذا الانحطاط الأخلاقي، الذي يجعل من العطف على الحيوان غطاءً لتبرير قسوة غير مسبوقة ضد الإنسان.
إنها صورة الاحتلال في أنقى حقيقتها: كيان يسرق الأرض، ويهدم البيوت، ويقتل الأطفال، ويجوع الناس، ثم يزعم الرحمة بالحمير. هذه المفارقة ليست تفصيلاً، بل شهادة إضافية على أن المشروع الصهيوني لم يتخلّ يومًا عن أدواته الاستعمارية: تجريد الفلسطيني من كل وسائل البقاء، حتى إذا كانت مجرد حمار يحمل جرّة ماء.

اليوم، يمكن القول إن "إنقاذ الحمير" ليس إلا عنوانًا ساخرًا لجوهر المرحلة. فإسرائيل تريد أن تقول للعالم إنها رحيمة، بينما تتفنن في إذلال الفلسطيني. لكنها، من حيث لا تدري، قدّمت للعالم وثيقة إدانة جديدة: كيان ينقذ الحيوان ليقتل الإنسان، ويُهدي صورة عن نفسه لا تحتاج إلى تعليق.








طباعة
  • المشاهدات: 9999
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
03-09-2025 12:22 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يرضخ نتنياهو لضغوط ترامب بشأن إقامة دولة فلسطينية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم