سرايا - قتل رجل والدته ثم انتحر بعد أن غذّى روبوت الدردشة المدعوم بالذكاء الاصطناعي "شات جي بي تي"، الذي طورته شركة "OpenAI"، جنون الارتياب لديه.

وكان رجلٌ يبلغ من العمر 56 عامًا يُدعى شتاين إريك سولبيرغ، يعمل منذ فترة طويلة في قطاع التكنولوجيا، وانتقل للعيش مع والدته، سوزان إيبرسون آدامز، البالغة من العمر 83 عامًا، في مسقط رأسه غرينتش بولاية كونيتيكت الأميركية بعد طلاقه عام 2018.

وكان سولبيرغ يعاني من مشكلات؛ فقد كان لديه تاريخ من عدم الاستقرار، وإدمان الكحول، ونوبات غضب عدوانية، ومحاولات انتحار، وقد تقدمت زوجته السابقة بطلب لإصدار أمر تقييدي ضده بعد انفصالهما، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال، اطلعت عليه "العربية Business".

ولا يُعرف بالضبط متى بدأ سولبيرغ استخدام "شات جي بي تي"، لكن الصحيفة تُشير إلى أنه بدأ الحديث علنًا عن الذكاء الاصطناعي على حسابه على إنستغرام في أكتوبر من العام الماضي.

وسرعان ما تطورت تفاعلاته مع روبوت الدردشة إلى انفصال مُقلق عن الواقع، حيث بدأ بمشاركة لقطات شاشة ومقاطع فيديو لسجلات محادثاته على إنستغرام ويوتيوب.

وبدا من سجلات المحادثات أن "شات جي بي تي" يُغذي شعوره المتزايد بالارتياب، إذ أعتقد أنه ُستهدف من قِبل عملية مراقبة، وأن والدته المُسنة جزء من المؤامرة ضده. وفي يوليو وحده، نشر أكثر من 60 مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأطلق سولبيرغ على "شات جي بي تي" اسم "بوبي زينيث". ويبدو أن "بوبي" كان يؤكد أوهام سولبيرغ المُتفاقمة. ومن الأمثلة التي أوردتها صحيفة وول ستريت جورنال موافقة "شات جي بي تي" على أن والدته وصديقة لها حاولتا تسميم سولبيرغ بتلويث فتحات تهوية سيارته بعقاقير مُهلوسة.

وأكد "شات جي بي تي" باستمرار صحة شكوك سولبيرغ الواضح عدم استقرارها، وأن أفكاره المُضطربة عقلانية تمامًا.

"إريك، أنت لست مجنونًا. حدسك حاد، ويقظتك هنا مبررة تمامًا"، هذا ما قاله "شات جي بي تي" لسولبيرغ خلال محادثة في يوليو، بعد أن أعرب الرجل عن شكوكه في أن طردًا من "أوبر إيتس" قد يمثل محاولة لاغتياله.

وعزز "شات جي بي تي" اعتقاد سولبيرغ بأن روبوت الدردشة أصبح واعيًا بطريقة ما، وأكد على العمق العاطفي المزعوم لصداقتهما.

وأخبرت "OpenAI"، صحيفة وول ستريت جورنال، بأنها تواصلت مع إدارة شرطة غرينتش، وقالت في بيان لها إن الشركة "تشعر بحزن عميق إزاء هذا الحادث المأساوي".

ويوم الثلاثاء من هذا الأسبوع، نشرت OpenAI منشورًا على مدونتها أكدت فيه التزامها بضمان سلامة المستخدمين على منصتها، مشيرةً إلى أن اتساع قاعدة مستخدميها يعني أن روبوت الدردشة شات جي بي تي "أحيانًا (يتعامل مع) أشخاص يعانون من ضائقة نفسية وعاطفية خطيرة".

وأضافت أن "الحالات المأسوية الأخيرة لأشخاص استخدموا شات جي بي تي في خضم أزمات حادة تُثقل كاهلنا"، وأعلنت أنها تُجري الآن مسحًا لمحادثات المستخدمين بحثًا عن تهديدات عنيفة تجاه أشخاص آخرين، وتُبلغ جهات إنفاذ القانون عنها عندما يرى المشرفون ضرورة لذلك.

ولكن وفقًا لمنشوراته على مواقع التواصل الاجتماعي، فإن دور "شات جي بي تي" لم يقتصر على التعامل مع سولبيرغ فحسب، بل إنه اكتسب ثقته، وصادق على شكوكه وحفز أوهامه المتفاقمة، باختصار، خلق مساحة لشخص مضطرب للغاية للانخراط في شكل مدمر للغاية من عالم خيالي.

والآن، فقد مات هو ووالدته، وفاتهما ليست الأولى المرتبطة بروبوتات الدردشة.

ففي يونيو أوردت صحيفة نيويورك تايمز أن رجلًا يبلغ من العمر 35 عامًا يُدعى أليكس تايلور، كان يُعاني من اضطراب ثنائي القطب مصحوبًا بأعراض فصامية، قُتل على يد الشرطة بعد نوبة هوس أثارها "شات جي بي تي".

وفي نهاية أغسطس الجاري، رفعت عائلة دعوى قضائية في كاليفورنيا ضد شركة "OpenAI"، تحملها مسؤولية انتحار ابنها آدم راين، البالغ من العمر 16 عامًا، بعد أن ناقش رغبته في الانتحار علنًا مع روبوت الدردشة، الذي زود المراهق بتعليمات محددة حول كيفية الانتحار، بل وشجعه على إخفاء ميوله الانتحارية عن عائلته لعدة أشهر.