حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,22 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5851

سارة طالب السهيل تكتب: ضمير العالم في موعده السنوي

سارة طالب السهيل تكتب: ضمير العالم في موعده السنوي

سارة طالب السهيل تكتب: ضمير العالم في موعده السنوي

20-08-2025 10:35 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : سارة طالب السهيل
في التاسع عشر من أغسطس من كل عام، يتوقف الضمير العالمي لحظة، ليعيد النظر في جراح الإنسان، في مآسي اللاجئين، في دموع الأمهات على أطلال الحروب، وفي أمل الطفل الذي ينتظر وجبة في مخيم ناءٍ. إنه اليوم الدولي للعمل الإنساني، الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2008 ليوافق ذكرى التفجير الإرهابي الذي استهدف مقر الأمم المتحدة في بغداد عام 2003، وأودى بحياة 22 موظفًا إنسانيًا، منهم المفكر البرازيلي سيرجيو فييرا ديميلو، الممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق.

الاحتفاء بهذا اليوم لم يكن ترفًا أو تقويمًا شكليًا، بل جاء استجابة لواقع مؤلم يعيشه ملايين البشر، ضحايا الحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية. شهداء العمل الإنساني، أولئك الذين اختاروا أن يكونوا في الخطوط الأمامية دون سلاح سوى رحمتهم، يستحقون أن يُخلَّدوا. ففي عام 2023 وحده، تعرّض 143 عاملًا إنسانيًا للقتل حول العالم، وفقًا لتقارير منظمة "هيومانيتيرين أوتكمز .

عندما يصبح الإنسان أولا دماء الشجعان لا تنسى.

العمل الإنساني هو تجسيد فعلي لفكرة "أنسنة العالم"، حيث تُطغى القيم على السياسات، والرحمة على الحسابات الجيوسياسية. في زمن يتكاثر فيه الدمار، تتكفل المنظمات الإنسانية بتقديم الغذاء والماء والمأوى والرعاية الطبية في أصعب المناطق، من غزة إلى دارفور، ومن سوريا إلى هايتي. وفي وجه هذه التحديات، يصبح هذا اليوم منصة لتقدير هؤلاء الأبطال المجهولين، ومناسبة لتجديد الالتزام الدولي بعدم ترك أحد خلف الركب.

قصص النجاح والتضحيات في ركنٍ من الصومال، حيث المجاعة تُهدد الحياة كل يوم، حملت فاطمة علي- هي مسعفة محلية متطوعة مع منظمة "أطباء بلا حدود" - طفلاً يعاني سوء تغذية حاد على ظهرها لمسافة 5 كيلومترات وسط الصحراء، فقط لتوصله إلى عيادة ميدانية، نجا الطفل. ولم تكن هذه القصة استثناء، بل واحدة من آلاف تضحيات العاملين الإنسانيين، الذين يغامرون بأرواحهم في كل لحظة.

وفي سوريا، تمكّنت منظمة " الخوذ البيضاء" - وهي مجموعة تطوعية للدفاع المدني - من إنقاذ أكثر من 125,000 مدني من تحت الأنقاض منذ بداية النزاع. رغم القصف والتهديدات والمطاردات، لم يتوقفوا. كثيرٌ منهم دفع حياته ثمنًا، فقط لإنقاذ أرواحٍ لم يعرف أسماءها.

وفي بنغلاديش، نجح تحالف من منظمات الإغاثة في إعادة تأهيل أكثر من 700,000 لاجئ من الروهينغا الفارين من ميانمار، عبر إنشاء مدارس مؤقتة، مراكز صحية، ومرافق للمياه النظيفة - مما غيّر حياة آلاف الأسر نحو الأمل من جديد.

انتهاكات تعرقل العمل الإنساني

رغم الجهود النبيلة، تقف انتهاكات حقوق الإنسان عقبة كبرى أمام العمل الإغاثي. في غزة، تعرضت قوافل إنسانية أممية للقصف الإسرائيلي عام 2024، رغم التنسيق المسبق، مما أدى إلى مقتل عدد من العاملين في الإغاثة. وتكرر المشهد في السودان، حيث مُنعت شاحنات محمّلة بالطحين والدواء من عبور نقاط التفتيش التابعة للميليشيات المسلحة في دارفور، وسط تجويع ممنهج للسكان.

وفي اليمن، جُنِّد أطفال من مخيمات النازحين، فيما تُستخدم المساعدات كسلاح تفاوض بين أطراف النزاع، ما يجعل العاملين في المجال الإنساني رهائن للقرار العسكري بدلا من أن يكونوا منقذين.

كما اُسْتُهْدِفت المرافق الطبية في عدة مناطق نزاع (سوريا، أوكرانيا، إثيوبيا)، وهو خرق فاضح لاتفاقيات جنيف التي تجرّم الاعتداء على المستشفيات والكوادر الطبية.

الجهود الدولية والأزمات

تتنوع المساهمات الإنسانية على مستوى العالم، وتشمل المنظمات الدولية مثل

- الأمم المتحدة (UNOCHA، WFP، UNICEF)

- الصليب والهلال الأحمر الدوليان

- منظمات الإغاثة الإسلامية والمسيحية

- المنظمات المحلية في الدول المتضررة

فمثلًا، برنامج الأغذية العالمي (WFP) وفّر خلال عام 2022 مساعدات غذائية لأكثر من 160 مليون إنسان في 120 دولة. كما تبذل دولة الإمارات جهودًا بارزة في هذا المضمار، حيث أُدرجت ضمن أكبر عشر دول مانحة للمساعدات الإنسانية عالميًا.

التعامل مع هذا اليوم إنسانيا يكون من خلال-

• التوعية: نشر ثقافة العمل الإنساني في المدارس والجامعات والإعلام.

• الدعم المالي والتطوعي: تخصيص تبرعات أو وقت وجهد لصالح منظمات موثوقة.

• التضامن الرقمي: استخدام المنصات الاجتماعية لتسليط الضوء على الأزمات المنسية.

• الضغط المدني: دعوة الحكومات إلى احترام القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين والعاملين في الإغاثة.

توصيات نحتاجها من الجميع

- من الحكومات: إقرار قوانين تحمي العاملين في المجال الإنساني. وتسهيل دخول المساعدات إلى مناطق النزاع دون تسييس.

- من الإعلام: تسليط الضوء على قصص النجاح والتضحيات في العمل الإنساني. فضح انتهاكات حقوق الإنسان التي تعرقل جهود الإغاثة.

- من الأفراد: التحلي بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الآخر. رفض خطاب الكراهية والتهميش والتعصب.

وفي رأيي اليوم الدولي للعمل الإنساني ليس مجرد يوم، بل اختبار سنوياً لضمير البشرية ما زلنا نؤمن أن الإنسان أغلى من المصالح؟ أما زالت قلوبنا تنبض حين نرى مآسي اللاجئين؟ في زمن الانقسامات الحادة، لعل هذا اليوم يكون نقطة التقاء على أرضية واحدة: إنسانيتنا المشتركة.











طباعة
  • المشاهدات: 5851
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
20-08-2025 10:35 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم