20-08-2025 08:29 AM
سرايا - يشهد الفضاء الرقمي تحولًا غير مسبوق بفعل طفرة تقنيات التوليدي المتسارعة، حيث لم تعد روبوتات الدردشة مجرد أدوات تفاعلية، بل أصبحت تتخذ شكل شخصيات رقمية قادرة على محاكاة السلوك البشري بذكاء ودقة مقلقة.
ويمثل الجيل الجديد من روبوتات الدردشة المدعوم بالذكاء الاصطناعي التوليدي، طفرة نوعية في القدرة على الخداع، فهذه الروبوتات لن تكتفي بنشر محتوى آلي، بل ستتفاعل معك بالمهارة نفسها التي يتمتع بها أكثر الأشخاص واقعية في حياتك.
وسيمكّن التحليل العميق للأشخاص، الروبوتات من التفاعل معك بأسلوب يبدو طبيعيًا ومألوفًا، إذ ستضع إعجابات على المنشورات وتكتب تعليقات، وتتفاعل بطرق تحاكي السلوك البشري الطبيعي، مما يجعل التمييز بينها وبين البشر الحقيقيين أمرًا صعبًا للغاية.
يُعدّ التزييف الرقمي خطرًا متناميًا، وهذا ما تناوله الأستاذان بريت جولدستين وبريت بنسون، المتخصصان في الأمن القومي والدولي في جامعة (فاندربيلت) الأمريكية، في مقال رأي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" خلال الشهر الحالي، واستند بحث جولدستين وبنسون إلى وثائق كشف عنها معهد الأمن القومي في جامعة فاندربيلت.
وكشفت هذه الوثائق كيف تقود شركة صينية تُدعى (GoLaxy) حملات دعائية متقدمة تقنيًا، مدعومة بقدرات الذكاء الاصطناعي، إذ تستخدم شبكات من الروبوتات الشبيهة بالبشر وتقنيات التوصيف النفسي لاستهداف الأفراد مباشرة.
وأكد الأستاذان جولدستين وبنسون أن ما يميز شركة (GoLaxy) هو إدماجها للذكاء الاصطناعي التوليدي مع كميات ضخمة من البيانات الشخصية، فأنظمتها تستخرج باستمرار البيانات من منصات التواصل الاجتماعي لبناء ملفات تعريف نفسية ديناميكية عن المستخدمين، ثم تقوم بتخصيص المحتوى ليناسب قيم كل شخص، ومعتقداته، وميوله العاطفية، وحتى نقاط ضعفه.
وكشفت الوثائق أن الشركة طورت شخصيات افتراضية مدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، تتمتع بقدرة فائقة على محاكاة التفاعل البشري الطبيعي، إذ يمكنها التكيف لحظيًا مع مزاج المستخدم ورغباته، وتجاوز أنظمة الكشف التقليدية. هذه الشخصيات لا تكتفي بالمحادثة، بل تُبنى وفق ملفات تعريف نفسية ديناميكية، ما يجعل تمييزها عن البشر الحقيقيين شبه مستحيل.
وتُعد هذه التقنية، نقلة نوعية في أدوات الدعاية الرقمية، حيث تتيح إنشاء منظومة تواصل ذكية تعمل بكفاءة عالية على نطاق عالمي غير مسبوق.
ووجدت دراسة أجرتها مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" أن الاستخدام الأول للذكاء الاصطناعي التوليدي هو العلاج والرفقة، ويرجع السبب في ذلك إلى أن العلاج القائم على الذكاء الاصطناعي متاح على مدار الساعة، وغير مكلف، ويأتي دون خوف من إصدار الأحكام، مما يجعله خيارًا جذابًا للأشخاص الذين يبحثون عن الدعم النفسي والاجتماعي.
ومع ذلك، ينشأ عن هذا الاعتماد عدد من المشكلات الخطيرة، تشمل: خطر التعلق غير الصحي بكيان اصطناعي مما يؤدي إلى مشكلات نفسية، أو تلقي نصائح سيئة أو غير صحيحة خاصةً في المواقف الحساسة.
ذهان الذكاء الاصطناعي
كشفت تقارير حديثة عن مدى عمق هذا التأثير، إذ نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في بداية شهر أغسطس الحالي، تحليلًا لـ 96,000 محادثة مع ChatGPT، كشفت فيه عن عشرات الحالات التي قدم فيها النموذج ادعاءات وهمية وكاذبة وخارقة للطبيعة لمستخدمين بدا أنهم يصدقونها. مما دفع بعض الأطباء إلى تسمية الظاهرة باسم (ذهان الذكاء الاصطناعي) AI psychosis، أو (وهم الذكاء الاصطناعي) AI delusion.
في ظل هذه التطورات المقلقة، لم تَعد اليقظة الرقمية خيارًا، بل أصبحت هي خط الدفاع الأول والأخير، فمن الضروري أن نغير نظرتنا إلى عالم الإنترنت، وألا نفترض أن كل شخص نتفاعل معه حقيقي، أو أن كل محتوى نستهلكه مصدره موثوق كما يجب أن نتحقق دائمًا من مصادر المعلومات.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-08-2025 08:29 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |