بقلم : العقيد المتقاعد محمد الخطيب
مع اقتراب إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم في الأردن، وفقاً لرؤية سمو ولي العهد التي تركز على الانضباط، وتعزيز الهوية الوطنية، وصقل شخصية الشباب، تبرز الحاجة إلى التفكير في هذا المشروع الحيوي بمنظور شمولي لا يقتصر على الجوانب التدريبية والميدانية، بل يشمل أيضاً البعد الإعلامي والتوعوي كجزء أساسي من نجاح البرنامج وترسيخ أثره.

خدمة العلم ليست مجرد فترة زمنية يقضيها الشباب في التدريب والانضباط، بل هي مشروع وطني تربوي متكامل يسعى إلى بناء الإنسان الأردني المؤمن بدوره، المنتمي لوطنه، والمستعد للعطاء في كل الميادين. ولكي تصل هذه الرسالة إلى كل بيت، وتترسخ في وعي مختلف فئات المجتمع، لا بد من وجود ذراع إعلامي وطني قادر على حملها ونقلها بصدق واحترافية.

من هنا تبرز الحاجة إلى إنشاء مديرية للتوجيه المعنوي داخل مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردنية، تكون مهمتها التنسيق مع قناة المملكة وغيرها من الوسائل الإعلامية الوطنية، لتشكيل جبهة إعلامية موحدة تدعم خدمة العلم، وتسهم في إنجاحها، وتساند باقي المبادرات الوطنية التي تهدف إلى تعزيز الولاء والانتماء لدى المواطنين، خاصة الشباب.

هذه المديرية يمكن أن تلعب دوراً محورياً في إنتاج برامج توعوية وثقافية تُظهر رمزية خدمة العلم وأهميتها في بناء الشخصية الوطنية، وتقديم نماذج مشرفة من الشباب في ميادين الخدمة العسكرية والعمل التطوعي، كقصص نجاح تستحق أن تُروى وتُحتذى. كما سيكون لها دور كبير في دعم الخطاب الوطني الإيجابي، وبناء الثقة المتبادلة بين المواطن ومؤسسات الدولة، إضافة إلى صياغة محتوى إعلامي يحرّك في نفوس الجيل الجديد روح المبادرة والانتماء، ويجعل من خدمة العلم محطة وعي وانطلاق نحو مستقبل أكثر التزاماً وإنتاجاً.

نجاح برنامج خدمة العلم لا يتحقق فقط بالتنفيذ على الأرض، بل بمدى قدرة الدولة على خلق وعي جمعي يتبنّى قيمه ويدافع عن غاياته. وهذا لا يمكن أن يحدث دون منظومة إعلامية وطنية واعية ومخلصة، تشرح الرسالة، وتزرع الأثر، وتكون حلقة الوصل بين الدولة ومواطنيها في مشروع يستحق أن ينجح.