14-08-2025 09:13 AM
بقلم : العقيد المتقاعد محمد الخطيب
قرأت اليوم بيان وزارة الخارجية الأردنية، الذي يعكس موقفا دبلوماسيا حازما من الأردن تجاه السياسات الإسرائيلية التي تراها تهدد سيادة الدول واستقرار المنطقة، ويُظهر قلقا مشروعا من تصاعد التطرف السياسي الإسرائيلي الذي بات يتغذى على أيديولوجيات متطرفة وتوجهات توسعية لا تُخفي نواياها.
البيان الأردني طالب العالم بالتدخل قبل تفاقم الأمور، محذرا من عواقب هذه التصريحات التي تروج لما يسمى "رؤية إسرائيل الكبرى"، في تجاهل تام للشرعية الدولية والقانون الدولي، وتحدٍ صارخ لأمن الدول العربية واستقرارها.
لكن، ومع أهمية الموقف الأردني، فإن الواقع يُظهر أن المجتمع الدولي، رغم الدعوات المتكررة، لا يُبدي إرادة حقيقية في وقف هذه السياسات. بل إن صمته المستمر، وتغاضيه عن الانتهاكات المتواصلة، قد يُفهم على أنه دعم ضمني – أو حتى تواطؤ – مع المشروع الصهيوني التوسعي، مما يعمّق من اختلال ميزان العدالة، ويفاقم معاناة الشعوب المتضررة، وعلى رأسها الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت الاحتلال والحصار.
وما يزيد من خطورة التصريحات الإسرائيلية الأخيرة، أنها لم تقتصر على الشعب الفلسطيني، بل حملت تهديدا مباشرا وصريحا لعدد من الدول العربية، وعلى رأسها الأردن، في محاولة مستمرة لفرض وقائع جديدة على الأرض، وتوسيع النفوذ الإسرائيلي على حساب السيادة العربية، بما يعيدنا إلى أطماع تاريخية لطالما حذر منها الوعي العربي.
وهنا، لا بد أن نطرح السؤال الأهم: ما هو مشروعنا العربي؟ ما هو مشروعنا الأردني؟
كيف نواجه مشروعا صهيونيا لا يكتفي بالخطاب، بل يتحرك على الأرض، ويمتلك رؤية استراتيجية واضحة، مدعومة بتحالفات إقليمية ودولية، وغطاء غربي لا يخجل من الانحياز؟
هل يكفي أن نكتفي بالبيانات الرافضة؟ هل الرد الدبلوماسي، رغم ضرورته، كافٍ لإيقاف مشروع يعمل ببطء وثبات لإعادة تشكيل الجغرافيا والسياسة والهوية في المنطقة؟
لقد بات واضحا أن الحاجة ملحة لبناء مشروع استراتيجي عربي موحد، يعيد تعريف أدوات القوة في ظل المتغيرات الراهنة، ويستثمر في وحدة الموقف، ويعيد الاعتبار للعمق الشعبي العربي، الذي لطالما كان القوة الحقيقية في مواجهة الهيمنة والمشاريع المفروضة.
إن غياب المشروع العربي الموحّد، وضعف الرد العملي، لا يقل خطورة عن السياسات التوسعية نفسها، بل قد يشكل بيئة خصبة لنجاح هذه المشاريع، في ظل تفكك الأولويات وتراجع الإرادة الجماعية.
لقد آن الأوان لأن نعيد التفكير: لا في كيف نرد فقط، بل في ما نريد نحن.
ما هي رؤيتنا؟ ما هو مشروعنا؟
فمن لا يمتلك مشروعا، يصبح بالضرورة جزءا من مشروع غيره.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-08-2025 09:13 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |