سرايا - في تصريح لافت، أشارت خبيرة التغذية شهد القدسي إلى أن "ما نعتبره غالبًا مجرد متعة أو تساهل غذائي، قد يحمل في داخله فائدة صحية لا نتوقعها". وتوضح أن بعض أنواع الشوكولاتة، وتحديدًا الشوكولاتة الداكنة، قد لا تكون مجرد حلوى، بل عنصرًا داعمًا للصحة إذا استُهلكت بشكل معتدل ومدروس.

تصريح القدسي يأتي في سياق دراسة حديثة نُشرت في المجلة الطبية البريطانية (BMJ)، كشفت نتائجها أن تناول كمية صغيرة من الشوكولاتة الداكنة يوميًا – ما يعادل نحو أونصة واحدة – قد يؤدي إلى خفض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة تصل إلى 21%. هذه النتائج تم التوصل إليها بعد تحليل بيانات لأكثر من 192 ألف شخص غير مصابين بالسكري أو بأمراض مزمنة، ومتابعة أكثر من 111 ألفًا منهم على مدى سنوات.

الدراسة، بقيادة الدكتور تشي صن من جامعة هارفارد، اعتمدت على استبيانات غذائية وثّقت أنماط استهلاك المشاركين لأنواع الشوكولاتة المختلفة. وكانت المفاجأة أن الشوكولاتة الداكنة فقط هي التي ارتبطت بانخفاض خطر الإصابة بالسكري، في حين لم تظهر شوكولاتة الحليب أي فائدة صحية، بل ارتبطت بزيادة الوزن.

ويُعتقد أن الكاكاو، المكوّن الرئيسي في الشوكولاتة الداكنة، يحتوي على مركبات مضادة للأكسدة تُعرف بـ"الفلافانولات"، أبرزها "الإبيكاتيشين"، الذي يساهم في تحسين استجابة الجسم لهرمون الأنسولين. في دراسة مخبرية، لاحظ الباحث جيفري تسيسم من جامعة بريغهام يونغ أن هذا المركب يعزز من أداء خلايا بيتا المسؤولة عن إفراز الأنسولين، ما يساهم في تنظيم مستويات السكر في الدم.

أما الفائدة الثانية التي رصدها العلماء فتتعلق بضغط الدم. فقد أظهرت الدراسة أن مركبات الكاكاو تُحفّز إنتاج أكسيد النيتريك، الذي يعمل على توسيع الأوعية الدموية، مما يساعد في خفض ضغط الدم تدريجيًا. وعلّقت الدكتورة جوان مانسون، الباحثة المشاركة في الدراسة، أن هذا التأثير قد يكون له دور أيضًا في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب.

رغم النتائج الإيجابية، تحذّر شهد القدسي من الإفراط أو الفهم الخاطئ للرسائل العلمية. وتوضح: "الفائدة لا تعني الإفراط، بل تعتمد على النوعية والكمية. الشوكولاتة الداكنة التي نتحدث عنها يجب أن تحتوي على أكثر من 70% كاكاو، وأن تكون خالية من السكر المضاف والزيوت المهدرجة".

وتؤكد القدسي أن هذه النتائج لا تلغي أهمية النظام الغذائي الكامل، بل تدعم فكرة أن مكونات غذائية طبيعية مثل الكاكاو يمكن أن تلعب دورًا إيجابيًا ضمن نظام صحي متوازن يشمل النشاط البدني، والنوم الجيد، وتقليل التوتر.

الدراسة تُعد بداية لمزيد من الأبحاث حول أثر مركبات الكاكاو على الجسم، لكنها تطرح تساؤلًا مهمًا: ماذا لو أن سرّ الوقاية من أمراض العصر يكمن في أبسط وألذّ مما نعتقد؟