حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,5 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2867

في الرواية الأردنية الجادة – مقدمة ومختارات إصدار جديد للناقد إبراهيم خليل

في الرواية الأردنية الجادة – مقدمة ومختارات إصدار جديد للناقد إبراهيم خليل

في الرواية الأردنية الجادة – مقدمة ومختارات إصدار جديد للناقد إبراهيم خليل

05-08-2025 09:22 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - صدر عن دار الجليل للنشر والتوزيع كتاب جديد للناقد الأدبي د. إبراهيم خليل بعنوان في الرواية الأردنية الجادة في 196 ص من القطع المتوسط متضمنا ست عشرة قراءة لـ 16 رواية لعدد من الكتاب على رأسهم غالب هلسا وجمال ابو حمدان وزياد قاسم وزياد محافظة وأمجد ناصر وآخرون.

ففي مقدمة الكتاب يشير المؤلف للمحاولات الروائية العربية المبكرة بدءا من سليم البستاني مرورا بمحمد حسين هيكل وانتهاءً بالمحاولات الروائية المبكرة في الأردن وفلسطين وبلاد الشام، مذكرا ببعض بواكير جبران وشكيب الجابري وتوفيق يوسف عواد وتيسير ظبيان والناعوري وعبد الحليم عباس وشكري شعشاعة على سبيل الاختصار، منتهيا بالتنبيه على شيوع ظاهرة استسهال كتابة الرواية في أيامنا هذه، بحيث أصبح من العادي المألوف أن تجد بين طلبة المرحلة الأساسية- الصف العاشر فما دون- من يكتبون الرواية طامحين للفوز بجائزة البوكر أو كتارا أو جائزة القلم الذهبي، على رأي أمير تاج السر(*).

وقد جاءت عنونة الكتاب «في الرواية الأردنية الجادَّة» انسجامًا مع نظرية برسي لوبوك في كتابه القيم صنعة الرواية Craft of Fiction الذي فرق فيه بين الرواية الجادة التي تندرج في التصنيف الأدبي وغير الجادة التي لا تصنف في الأدب، وهي من حيث الكثرة تفوق بما لا يقاس الرواية الجادة لكون الذين يكتبونها أساسا هم من غواة السرد الحكائي الذي لا يخضع لمعايير فنية، وقوانين، يحتمها الفنّ المتقن المستحسن، غير المستهجن.

في الفصلين الأول والثاني يقفنا المؤلف إزاء روايتين لغالب هلسا هما البكاء على الأطلال وسلطانه ففي الأولى يغلب على دراسة الرواية التنبيه على اعتماد الكاتب هلسا على المفارقة السردية بوصفها محورا للبنية، وعلى التناص بوصفه أفقا ثقافيا للرواية، وعلى السيرة الذاتية من حيث هي هاجس يؤدي إلى تماهي الراوي العليم بخالد بطل الرواية. أما رواية سلطانة فيهيمن عليها البعد النفسي، وهذا ما تتكئ عليه دراسة المؤلف، إذ تكثر فيها أحلام اليقظة Day Dreaming وهذا التعبير ليس تعبيرا مفروضا على الرواية من باب التعسف النقدي بل هو تعبير تكرر استعماله من الكاتب غالب هلسا نفسه، مثلما استخدم تعبيرات فرويدية أخرى على لسان الشخصيات؛ كالنكوص/ والتابو، وعقدة أوديب. مما يُفصح عن تأثر الكاتب بالنهج الفرويدي في سُُلطانه، وبالنقد الباشلاري في البكاء على الأطلال.

يلي هذا القسم من الكتاب قسم خصصه المؤلف لدراسة روايتين لجمال أبو حمدان، الأولى هي الموت الجميل، والثانية هي قطف الزهرة البرية. ويتضح لديه أن رواية الموت الجميل هي القاعدة التي انبثقت منها رواية قطف الزهرة البرية، فالحديث عن هذه الرواية، إذا أريد به التفصيل، يتضمن بلا ريب الكثير من التكرار والإحالات للرواية الأولى، فموقعها موقع مهم في مشروع الكاتب الإبداعي. وفي القسم الثالث يقرأ المؤلف روايتي هاشم غرايبة المعروفتين القط الذي علمني الطيران، و البحَّار، ففي الأولى غلب على المؤلف غرايبة اتكاؤه على السيرة الذاتية، وتجربة المكوث في السجن، وفي الثانية غلبت عليه انثيالات الذاكرة تارة، واعترافات بعض المتورطين في الإرهاب تارة، مع العدول عن السرد النمطي إلى ما يسميه جانيت Gennet مفارقة سردية، أو زمنية، تارة أخرى؛ لأن الكاتب في الحقيقة لا يكتفي بتغيير اتجاه الزمن من الحاضر مثلا إلى الماضي، وإنما يقوم بتعديل وجهة السرد الخطي إلى سرد متكسر تكسُّرَ الموج على الشاطئ، فيخالف بهذا توقعات القارئ، فبدلا من أن يتماشى مع ما يترقب القارئ حدوثه بتوق شديد، إذا به يغير هذا الاتجاه، فيتغير بذلك المتَوَقَّع.

وفي دراسته لرواية أمجد ناصر «حيث لا تسقط الأمطار» يحرص المؤلف على تبيان العلاقة بين مواهب الكاتب الشاعر، والرواية، فهو كغيره ممن تحولوا عن القصيدة لهذا الفن، يكتبون الرواية بروح شعرية تعتمد الرموز التي لا يطيق القارئ كثرتها في السرد، في الوقت الذي لا تعود به هاتيك الرموز على الرواية بالنفع. أما زياد قاسم فقد تناول له المؤلف روايتين؛ أولاهما أبناء القلعة، متتبعا محاولات الكاتب فيها لتجنب السرد النمطي، والرواية الثانية هي رواية (الخاسرون) التي غفل عنها جلُّ الذين تناولوا آثاره الروائية بصفته الروائي المهتم بعمّان.

وقد نفى الناقد عن الرواية ما قيل من أنها تاريخية، لأن المؤلف الراحل عاش زمن الكثير من الحوادث المحكية، بما فيها تلك التي لم يكن وقوعها في حياته، فقد عايشها وسمع عنها ممن عاشوا عند وقوعها. علاوة على أن رؤية الكاتب زياد قاسم لعمان فيها لم تكن مبهرةً، بل مشوهة، إذ ركز فيها على البارات، والملاهي، والتهريب: تهريب السلاح والمخدرات، فضلا عن شيوع الدعارة، وهذا شيءٌ غير واقعي قطعًا، لا سيما وأن معظم الوقائع تجري في خمسينات القرن الماضي.

ويقفُ المؤلف وقفة مطولة إزاء روايات أربع لزياد محافظة، أولاها رواية سيدة أيلول، والثانية نزلاء العتمة، والثالثة حيث يسكن الجنرال، والرابعة أفرهول. فهذه الروايات تعد في رأيه من الروايات الجادة. ففي سيدة أيلول يتخذ من الزرقاء فضاء سرديا لها. وقد تكون هذه الرواية من الروايات القليلة جدا التي تجري وقائعها في الزرقاء، وكان تيسير سبول قد ذكرها في روايته (أنت منذ اليوم) باسم (هجير) وتطرق إليها يحيى القيسي في حيوات سحيقة، وأكثر من الإشارة لها خالد سامح في روايتيه الهامش، و بازار الفريسة.

وهي أشاراتٌ لا تكفي لتصنيف هذه الروايات بالزرقاوية. لكنّ هذه الرواية (سيّدة أيلول) تكادُ تفتح كـوّة كبيرة ينظر منها القارئ، والدارس، إلى فضاء هذه المدينة؛ ابتداءً من الإشارة للمعسكرات، وسينما النصر، والأحياء: الغويرية، وحيّ الحاووز، وشارع السعادة، والكنائس، والمساجد، ومخيم شنلر، وجنَّاعة، وغيرهما، والطريق إلى خوّ، وعلاقتها بالشمال، مرورًا بالطرق التي تصلها بإربد، وعجلون، وجرش. فضلا عن قربها من الرصيفة، وعمَّان، والتنوع السكاني. وقد وردت هذه الإشارات عبر المتواليات السردية، والحوادث المحكية، وليست على نسق التحقيق الصحفي، أو الشبيه بالمحاضرة في رواية أخرى كرواية «حيوات سحيقة « التي جاء الحديث فيها عن الزرقاء كأنه بحث. وقد نجح محافظة ساخرًا في تصويره القمع في رواية « نزلاء العتمة « جاعلا من حياتنا الراهنة مع القيود، والزنازين، وفقدان الحرية الشخصية، وحرية التعبير، والتجمْهُر، والتظاهر، وتسلُّط الأنظمة القطرية التي شاخت، ولم تعد قادرة على تسيير المجتمع تسييرًا ينسجم وروح العصر، حياةً لا تختلف عن حياة الموتى، فبعض هؤلاء، ومنهم « نزلاء العتمة « يتمتعون بظروف أحسن حالا من تلك التي كانوا يتمتعون بها قبلا، فلهم النور، والشمس، والموسيقى، والألوان، والشعر، والفرح، ولنا نحن عتمة الزنازين، والأقبية.

وفي رواية (أفرهول) نجح محافظة في أدْلَجَة الحكاية، حيث الشخوص يتقاسمون الميدان السردي على وفق ما يمثلونه من توجهات سياسية، ومذهبية. في نسق بنيوي لا يشكو من طول، ولا قصر.

وعن روايتي خالد سامح: الهامش، وبازار لفريسة، يقول المؤلف: إنهما تقولان ما لايقال عبر نسق أجاد فيه التشخيص، وتنويع اللغة تنويعا يخدم هذا الركن من أركان الحكاية. ولدى عثمان مشاورة في روايته الثانية «مقهى البازيلاء» نزعة ساخرة تجعل من الرواية كأنها سرد كاريكاتيري يتوصل عن طريق الكوميديا لفضح الفاسدين من لصوص، وطغاة فاشلين، في أداء سردي يمسك بتلابيب القارئ.

يُذكر أن هذه الدراسات الستة عشر نُشرت في أوعية متفرّقة، ومناسبات عدّة، متباعدة، وقد آثر المؤلف جمعها وتبويبها في هذا الكتاب الذي توصل فيه لعدد من المشكلات الفنية التي عانت، وتعاني منها الرواية الأردنية، وذلك ما يتضح في خاتمة الكتاب.

*انظر ما كتبه عن هذا الموضوع في القدس العربي، 3 آب – أغسطس 2024











طباعة
  • المشاهدات: 2867
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
05-08-2025 09:22 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم