04-08-2025 01:16 PM
بقلم : سالم القدمان
منذ اللحظة الأولى التي انتُخبت فيها عضوًا في مجلس محافظة العقبة، كنت مدركًا أن الطريق لن يكون سهلًا. دخلت العمل العام من منطلق الإيمان بأن المشاركة في صنع القرار، خاصة على المستوى المحلي، هي أحد مفاتيح التغيير الحقيقي، وتطبيق فعلي للتوجيهات الملكية السامية بضرورة إشراك المجتمعات المحلية في تحديد أولوياتها التنموية.
بحكم القانون، كنا في المجلس نُكلّف بتحديد أولويات المشاريع التنموية في المحافظة، وهي مسؤولية كبيرة ومباشرة. لكن التحدي كان أكبر مما يبدو على الورق، فقد واجهنا واقعًا ماليًا صعبًا تمثل في شح الموازنات المخصصة للمحافظات، إلى جانب قانون لا يمنح المجالس الصلاحيات الكافية لتنفيذ ما تقرره. قانونٌ عقيم – كما يصفه كثيرون – يقيد القدرة على المتابعة والتأثير، ويجعلنا في كثير من الأحيان مجرد وسيط بين حاجات الناس وإمكانات الدولة المحدودة.
ومن أبرز الأمثلة على هذا الواقع، لواء القويرة، الذي يحتاج إلى موازنات كبيرة تُقدّر بالملايين ليشهد نهوضًا حقيقيًا، يواكب ما يعيشه من ظروف تنموية صعبة، وبُنى تحتية متواضعة لا تليق بأبناء المنطقة. فرغم الجهود المبذولة، إلا أن حجم الاحتياج يتجاوز بكثير ما يُخصص من موارد.
الناس لا تسأل عن الموازنات، ولا تُلام على ذلك. ما يهم المواطن هو نتيجة ملموسة: طريق معبّدة، مدرسة صالحة، مركز صحي يخدمهم بكرامة. وكنت دومًا أحاول أن أكون قريبًا منهم، أستمع لهم، وأتفاعل مع مطالبهم، حتى وإن كانت خارجة عن صلاحياتي، من باب المسؤولية الأخلاقية لا القانونية.
كثيرًا ما وجدت نفسي أمام طلبات شخصية عاجلة، وكنت أبذل جهدي – كفرد قبل أن أكون مسؤولًا – لمساعدة من أستطيع، دون وعود كاذبة أو استعراض، بل بواقعية مؤلمة أحيانًا. ورغم رغبتي العميقة في عدم ردّ أحد، إلا أن الواقع كان أقوى من النية. وكنت أُذكّر نفسي والناس دائمًا بأن الله لا يكلّف نفسًا إلا وسعها.
إن تجربتي في مجلس محافظة العقبة كشفت لي حجم التناقض بين النوايا الحسنة التي يحملها كثير من العاملين في المجالس، وبين الأدوات القانونية والمالية التي لا تواكب طموح الإصلاح واللامركزية الحقيقية.
ومع هذا، ما زلت مؤمنًا بأن العمل في الشأن العام، مهما كان متعبًا ومحدودًا، هو أحد أنبل ميادين العطاء، خاصة حين يكون نابعًا من قناعة ومسؤولية لا من رغبة في الظهور.
أرجو أن يُعاد النظر في التشريعات الناظمة لعمل مجالس المحافظات، وأن تُعاد هيكلة الموازنات وفق الاحتياج الفعلي، حتى يكون لهذه المجالس الدور الفعلي الذي يتطلع إليه جلالة الملك، والمواطن،..
حفظ الله بلدنا وقائدنا من كل مكروه ليبقى الاردن شامخًا عصيا على كل من تسول له نفسه المساس بأمنه واستقراره..
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-08-2025 01:16 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |