30-07-2025 08:30 AM
بقلم : ماهر أبو طير
هناك مسار دولي مواز للمسار الأميركي الإسرائيلي يضغط من أجل وقف حرب غزة والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإنهاء الأزمة السورية.
هذا المسار الدولي يمثله تحالف واسع على المستوى الغربي، وبعض الدول في آسيا، ومن المهم هنا الإشارة إلى أمرين، أولهما أن هذا المسار تؤثر عليه دول عربية قليلة جدا، مثلما أنه أيضا يمثل وعياً جديداً تجاه ملفات المنطقة وتحديدا فلسطين التي تعلن دول عديدة عن نيتها الاعتراف بها.
المسار الدولي يتأثر كثيرا بالأردن وهذه ليست مبالغة، لأن الأردن من أكثر الدول العربية تواصلا مع دول العالم، على صعيد الحركة الدبلوماسية، وقبول الأردن بشكل وازن، ووجود نظرة تقدير نحوه، تحمي الأردن من جهة من تقلبات السياسة الدولية، وتحمل ايضا وجهات نظر عربية للعالم.
في الأسابيع القليلة الماضية، كانت هناك حركة متواصلة للسياسة الأردنية على المستوى الدولي ولقاءات الملك مع المستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، خلال زيارة عمل إلى أوتاوا، ولقاءات الملك مع رئيس وزراء بريطانيا، وحتى الاتصالات المباشرة او الهاتفية مع الرئيس الأميركي، والعلاقة مع الفرنسيين والرئاسة الفرنسية مرورا بوقوف الملك سابقا أمام البرلمان الأوروبي، والاتصالات مع الدول العربية، وتنسيق مواقف مشتركة تحمل جميعها ذات الخطوط في السياسة الأردنية، وما سبق مجرد نماذج عن تأثير متراكم طوال العام.
وقف الحرب أولا في غزة، وحل القضية الفلسطينية، وإنهاء المجاعة، ونزع فتيل أزمات المنطقة، ومنع حدوث اشتعال في كل المنطقة، ومنح الفلسطينيين حقوقهم، وتجنب صراع وحرب أكبر مما نراه، من أبرز عناوين السياسة الأردنية على المستوى الدولي، خلال العامين الفائتين، وهذا يشكل عنصرا مؤثرا على دول كثيرة ويبني موقفا له تأثيراته، وليس مجرد إخلاء للمسؤولية الأردنية أمام المنطقة والعالم.
اللافت للانتباه هنا ما قيل خلال مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني في برلين الثلاثاء، حيث أشار الملك إلى أن التصعيد الخطير في الضفة الغربية يجب أن يتوقف وهناك مخاطر إشعال صراع أكبر في المنطقة، ولا بد من وقف الحرب في غزة والوصول إلى أفق سياسي وفق حل الدولتين، وهذه الإشارات التي يراها البعض صياغات معتادة، ليست عادية بسبب توقيت هذه التصريحات خصوصا الحديث عن احتمال اشعال صراع اكبر في كل المنطقة، في ظل تقييمات الأردن الحساسة للموقع الجيوسياسي وإحاطته بالأزمات في كل المنطقة، بما يجعل التقييم الأردني هنا دقيقا، وليس مجرد إعلان موقف لتسجيله أمام المتابعين.
شعوب المنطقة العربية في بعض الحالات لا تدرك أهمية العلاقات الدولية في بناء الدول، وتثبيت استقرارها، كما أن الوجود العربي في خريطة النفوذ والتأثير الدولية يبقى منخفضا، لكنه في الحالة الأردنية يبدو مرتفعا جدا، وليس أدل على ذلك من تفرد الملك خلال عامين بالضغط بكل الوسائل السياسية، وتوظيف علاقات الأردن ومكانته من أجل الأردن، ومن أجل قضايا المنطقة وتحديدا فلسطين، وما يرتبط ببقية تفاصيل الإقليم، وهذا أمر لا يتأسس بهذه البساطة من حيث القبول والتأثير النهائي.
كل العناوين التي يطرحها الأردن تستثير في حالات غضب أطراف ثانية، خصوصا، مع إصرار الأردن على وقف الإبادة والمجاعة والحرب في غزة، وايضا، استمرار طرح الأردن لتصوره حول حل الدولتين الذي يستثير الاحتلال من جهة، مثلما تتجنبه دول في العالم، لكن الأردن يدرك هنا انه جزء من الإقليم، ولا يمكن أن يستقر كل الإقليم، بدون إطفاء هذه الأزمات ومنع التشظي والحروب الداخلية والانقسامات وما تمثله الاحتلالات ايضا من اعتداء على الشعوب، وتأثيرات إستراتيجية مؤكدة.
الأردن وحده يواصل إثارة الملفات العربية أمام الغرب ودول العالم، ويكاد يكون الوحيد الذي له تأثيره باللغة التي يفهمها الغرب وقادة سياساته.
مخاطر إشعال صراع أكبر التي تم التحذير منها تقول الكثير من التوقعات.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-07-2025 08:30 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |