حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,2 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 10393

د. أحلام ناصر تكتب: رجولة الأمس في زمن اليوم: عبء على المرأة أم شراكة مؤجلة؟

د. أحلام ناصر تكتب: رجولة الأمس في زمن اليوم: عبء على المرأة أم شراكة مؤجلة؟

د. أحلام ناصر تكتب: رجولة الأمس في زمن اليوم: عبء على المرأة أم شراكة مؤجلة؟

23-07-2025 09:52 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. أحلام ناصر
في زمن تغيّرت فيه الصورة النمطية للأدوار التي تؤديها المرأة في العمل والحياة، وفي المجتمع، ما زالت التصورات حول الرجولة حبيسة قوالب الماضي لدى شريحة واسعة من المجتمع.
فالمرأة اليوم لم يتوقف دورها التقليدي كأم ومدبّرة لشؤون البيت، بل خرج كثير منهن إلى سوق العمل، ونجحن في تحمل مسؤولية دعم أسرهن ماليًا والمساهمة في استقرارها الاقتصادي. ومع ذلك، لم يؤثر هذا التحول على التوقعات النمطية من المرأة داخل المنزل، إذ ما زالت مطالَبة في معظم الأحيان، وحدها بإدارة تفاصيل الحياة الأسرية كافة، إلى جانب التزاماتها الاجتماعية المختلفة، دون أن تجد في الرجل شريكًا فعليًا يخفف عنها هذا الحمل المضاعف.
وفي السياق نفسه، ما يزال كثير من الرجال يمارسون "رجولة شكلية"، بعيدة عن المشاركة الحقيقية في مسؤوليات البيت وتربية الأبناء. هكذا تصبح الرجولة كما هي اليوم فعليًا، لا دعمًا ولا سندًا، بل عبئًا إضافيًا يُثقل كاهل المرأة التي تخوض يومها بين العمل والبيت بلا شريك حقيقي.
في هذا المقال نسلّط الضوء على هذه المفارقة المؤلمة، وندعو لإعادة تعريف الرجولة كقيمة إنسانية تعزز شراكة الرجل في بناء الأسرة، لا كسلطة تضاف إلى أعباء المرأة.
ورغم كل هذا التحول الذي طرأ على حياة المرأة وأدوارها، ما زال الرجل في كثير من الأحيان يستحضر صورًا ذهنية قديمة عن دوره في الأسرة، كأن عليه فقط أن "يحضر" لا أن "يشارك"، أن "يوفّر" لا أن "يحمل" معه جزءًا من أعباء البيت والحياة. الحضور الجسدي لا يصنع شريكًا، والدخل المالي وحده لا يصنع قوامة. فالمرأة التي تعود من عملها، لتجد بيتًا ينتظرها بمطالبه وتفاصيله المرهقة، وأطفالًا يحتاجونها، وزوجًا ينتظر خدمته ورضاه، سرعان ما تكتشف أن الشريك ليس شريكًا فعليًاـ ليصبح عبئًا جديدًا يُرهق كاهلها ويُضاف إلى ما لا يُحتمل من أعباءها اليومية.
والمفارقة الغريبة وغير منطقية، أن بعض الرجال يعتبرون مجرد عدم الاعتراض على خروج المرأة للعمل نوعًا من الدعم، أو ربما هبة يجب أن تُقابل من الزوجة بالامتنان. لكن الواقع إن عمل الزوجة والأم في كثير من الاحيان هو ليس قرارًا شخصيًا أو طموحًا ذاتيًا، بل ضرورة ملحة لمواجهة متطلبات الاسرة المالية، تمليها الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي تواجهها الأسرة. ومع ذلك، لم تجرِ أي مراجعة حقيقية لدور الرجل النمطي داخل البيت. فالمجتمع لا يزال يحاسب المرأة على بيتها، وأمومتها، وأناقتها، وحضورها الاجتماعي، بينما يغض الطرف عن غياب الرجل أو انسحابه من كونه شريكًا حقيقيًا في تلبية متطلبات الأسرة ومشاركة أعباء الحياة اليومية داخل المنزل.
المرأة التي إعتقد البعض أنها نالت حريتها بخروجها إلى العمل، ما زالت في الحقيقة تدفع ثمن ذلك وحدها. فهي تخوض سباقًا يوميًا مع الوقت، تتقاسم بين دوام طويل خارج المنزل وأعباء لا تنتهي داخله، بين أطفال ينتظرون حنانها ورجل يتعامل معها وكأنها لم تغادر بيتها يومًا. ومع مرور الوقت، تكتشف أنها الوحيدة التي تستهلك طاقتها وتكبر تحت هذا الضغط المتراكم، بينما يظل الرجل في دائرة راحته، متجنبًا أي مراجعة حقيقية لمفهوم رجولته أو لمسؤوليته كشريك في الحياة.
في الحقيقة، إن المشكلة ليست في عمل المرأة ولا في سعيها لتحقيق ذاتها، بل في رجولة متقوقعة على مفاهيم سلطوية وأدوار نمطية تجاوزها الزمن. المرأة اليوم تخوض معركتين، أولها، في الخارج لإثبات ذاتها وقدرتها على العمل امام منافسة غير متوازنة مع الرجل، وأخرى في الداخل لإثبات ان عملها لا يؤثر على دورها التقليدي في البيت. يأتي هنا السؤال البسيط، لماذا لا يتغير الرجل؟ ولماذا لا يعترف ان عمل المرأة هي ضرورة ملحة لمساندته في تلبية المتطلبات المالية للاسرة؟ الى متى تبقى رجولته حضورًا شكليًا ومطالب تقليدية؟ الرجولة الحقيقية شراكة ومسؤولية، لا مجرد لقب بيولوجي.
في الختام، في مجتمعات ما زالت نساؤها يدفعن هذا الثمن في صمت، آن الأوان لإسقاط أوهام الرجولة التقليدية، وبناء شراكة حقيقية تعيد للمرأة حقها في الراحة وللرجل مكانته كشريك لا عبء. فبهذا فقط تستقيم الأسرة، وبهذا فقط تستحق الرجولة اسمها.











طباعة
  • المشاهدات: 10393
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
23-07-2025 09:52 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم