حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,22 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 8592

لماذا تنام النساء أطول من الرجال رغم معاناتهن من الأرق؟

لماذا تنام النساء أطول من الرجال رغم معاناتهن من الأرق؟

لماذا تنام النساء أطول من الرجال رغم معاناتهن من الأرق؟

21-07-2025 07:03 PM

تعديل حجم الخط:

سرايا - - رغم انتشار مقاطع الفيديو والمنشورات على منصات مثل "تيك توك" و"إنستغرام" التي تزعم أن النساء يحتجن إلى ساعة أو ساعتين إضافيتين من النوم مقارنة بالرجال، إلا أن الدراسات العلمية الحديثة تكشف أن مسألة النوم بين الجنسين أكثر تعقيدًا مما يظنه ال

وتخضع المسألة لتأثير تفاعلات بيولوجية ونفسية واجتماعية معقدة، فضلًا عن اختلاف طرق قياس النوم التي تلعب دورًا رئيسيًا في فهم هذه الفروقات.

تشير الأبحاث إلى وجود طريقتين رئيسيتين لدراسة النوم؛ أولاها تعتمد على الاستبيانات الذاتية التي يُطلب فيها من الأشخاص تقدير عدد ساعات نومهم، وهي طريقة تفتقر إلى الدقة لأن الغالبية لا يحسبون نومهم بشكل صحيح. أما الطريقة الثانية فهي علمية أكثر، وتعتمد على أجهزة تتبع النوم أو فحوصات تخطيط النوم داخل المختبرات، حيث يتم قياس موجات الدماغ والتنفس وحركات الجسم أثناء النوم لتقديم نتائج أكثر موضوعية.

وبالنظر إلى البيانات المستمدة من هذه الطرق الدقيقة، تبين أن النساء ينمن بالفعل أكثر من الرجال، ولكن بفارق متوسط لا يتجاوز 20 دقيقة فقط. وتؤكد ذلك دراسة عالمية شملت نحو 70 ألف شخص يستخدمون أجهزة تتبع النوم، أظهرت وجود فرق طفيف لكنه مستقر بين الجنسين عبر مختلف الأعمار، حيث وصل الفارق في فئة الأربعينيات إلى ما بين 23 و29 دقيقة لصالح النساء.

وفي دراسة أخرى تعتمد على تخطيط النوم، تبين أن النساء يقضين وقتًا أطول في مرحلة النوم العميق مقارنة بالرجال، وهي المرحلة الأكثر أهمية في تجديد الطاقة الجسدية. بينما تراجعت جودة النوم عند الرجال مع تقدمهم في العمر، دون أن ينطبق ذلك على النساء بنفس الوضوح.

غير أن هذه النتائج لا تعني بالضرورة أن كل امرأة تحتاج إلى 20 دقيقة إضافية من النوم يوميًا، إذ تختلف احتياجات النوم بين الأفراد مثلما تختلف الأطوال والأوزان، وهو ما يشبه القول إن النساء أقصر من الرجال في المتوسط، مع وجود العديد من الاستثناءات على هذا المقياس.

المثير للاهتمام هو أن النساء، رغم استغراقهن في النوم لفترات أطول ومرورهن بمراحل نوم أعمق، يعانين في المقابل من مشكلات جودة النوم بشكل أكبر من الرجال، حيث ترتفع احتمالية إصابتهن بالأرق بنسبة تصل إلى 40%. هذا التناقض بين البيانات المخبرية والتجربة الواقعية يطرح تساؤلات جوهرية، إذ تستبعد الدراسات المختبرية عادة العوامل المؤثرة في الحياة اليومية كالتوتر والمسؤوليات والهرمونات، والتي تلعب دورًا حاسمًا في التأثير على نوم النساء.

تتجلى الفروقات البيولوجية بصورة أوضح خلال مراحل عمرية مختلفة؛ إذ تبدأ اضطرابات النوم في الظهور بصورة متفاوتة بين الجنسين مع مرحلة البلوغ، وتزداد خلال فترات الحمل وما بعد الولادة، وتبلغ ذروتها في المرحلة التي تسبق انقطاع الطمث. وتُعزى هذه الاختلافات إلى التغيرات في مستويات الهرمونات الأنثوية، لا سيما الإستروجين والبروجسترون، حيث تعاني كثير من النساء من نوم متقطع قبل الدورة الشهرية بسبب انخفاض هذه الهرمونات، كما يرتبط انخفاض الإستروجين في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث بالاستيقاظ المتكرر أثناء الليل.

ولا تقتصر الأسباب على العوامل الهرمونية فحسب؛ إذ تلعب الحالات الصحية الشائعة لدى النساء، كاضطرابات الغدة الدرقية ونقص الحديد، دورًا إضافيًا في التأثير سلبًا على جودة النوم. أما من الناحية النفسية، فإن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق، وهما من أبرز أسباب الأرق المزمن. وتساهم طبيعة التفكير الاجتراري - المتمثل في التركيز المستمر على أسباب الضيق دون البحث عن حلول - والتي تنتشر أكثر بين النساء، في زيادة صعوبة الاستغراق في النوم.

أما من الجانب الاجتماعي، فتتحمل النساء العبء الأكبر في مسؤوليات الرعاية والأعمال المنزلية غير المدفوعة الأجر، مما يقلل من فرص حصولهن على فترات راحة خلال النهار. في هذا السياق، يصبح النوم الليلي بمثابة الفرصة الوحيدة للراحة الجسدية والنفسية لدى كثير منهن، ما يزيد من الضغوط النفسية المرتبطة بعملية النوم ذاتها.

وفي الواقع الطبي العملي، لا تعود شكاوى النساء المتعلقة بالإرهاق دائمًا إلى قلة ساعات النوم بالمعنى الكمي، إذ قد ترتبط بمزيج من الضغوط النفسية المتراكمة أو مشكلات صحية خفية كفقر الدم، أو حتى تأثر النساء بتوقعات المجتمع التي تدفعهن لمحاولة تحقيق النجاح في أدوار متعددة كالأمومة والحياة الزوجية والعمل الوظيفي في الوقت ذاته.

ومع أن الدراسات تشير إلى احتياج النساء إلى فترات نوم أطول قليلًا مقارنة بالرجال، فإن الأهم هو التأكيد أن جودة النوم تمثل عنصرًا لا يقل أهمية عن مدته. وبناءً عليه، يصبح تقديم الدعم الاجتماعي، وتحسين خدمات الصحة الجسدية والنفسية للنساء، وإعادة توزيع الأعباء المنزلية بصورة أكثر إنصافًا، عوامل جوهرية لتحسين قدرتهن على النوم وصحتهن العامة. فالنوم الجيد ليس رفاهية بل ضرورة أساسية لجميع البشر، رجالًا ونساءً، وإن كان الوصول إليه يبدو أكثر تعقيدًا بالنسبة للنساء ضمن واقع مجتمعاتنا المعاصرة.









طباعة
  • المشاهدات: 8592
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
21-07-2025 07:03 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم