21-07-2025 11:27 AM
بقلم : أ.زيد مفلح الكعابنة
داهية العرب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يُعتبر من أبرز الشخصيات السياسية في التاريخ الإسلامي، حيث تميز بدهاء سياسي وحنكة إدارية جعلته يُؤسس دولة قوية ومستقرة خلال فترة حكمه لم يكن مجرد سياسي بارع، بل كان استراتيجياً يرى ما وراء الأزمات الآنية ،ولم يكن معاوية بن أبي سفيان مجرد قائد سياسي، بل كان مهندساً بارعاً استثمر البنية القبلية العربية لبناء أركان دولته الناشئة، مستفيدًا من خبرته الطويلة في إدارة الشام تحت ظل الخلافة الراشدة.
كانت القبائل بالنسبة له ليست كيانات قبلية فحسب، بل وحدات سياسية واجتماعية وعسكرية يمكن توجيهها لخدمة استقرار حكمه وتوسيع نفوذه. وقد أظهر في توظيفها ذكاءً نادراً .
فمن خلال التجنيد القبلي في الجيوش و توظيف الطاقات القبلية تشكلت القبائل العمود الفقري للجيش الأموي. كان معاوية يجند المقاتلين من خلال أُطرهم القبلية، مستفيدًا من ولاء الفرد لقبيلته وروحها القتالية. قادة الجيوش غالبًا ما كانوا شيوخ قبائل أو شخصيات قبلية مؤثرة ومنهم الضحاك بن قيس، مما يضمن حماسة القبيلة في المعركة. كانت لانتماءات القبلية تُحَوَّل إلى وحدات عسكرية فعالة تحت القيادة المركزية.
كما رسخ الاستيطان والحضور العسكري (إعادة تشكيل الجغرافيا البشرية)البعد الديمغرافي في نقل القبائل
فأستخدم معاوية سياسة نقل قبائل بأكملها أو أقسام كبيرة منها من موطنها الأصلي إلى مناطق استراتيجية أو مضطربة لتعزيز السيطرة الأموية. نقل قبائل قيسية من الحجاز إلى الشام (مثل بني سليم) عزز قوته العسكرية في عاصمته دمشق ووازن النفوذ اليمني القوي هناك. هذا كان إعادة رسم للخريطة القبلية لخدمة الأمن السياسي
فلم تكن سياسة معاوية مجرد تلاعب قصير المدى. لقد نجح في تحويل الطاقات القبلية المتنافرة من تهديد للاستقرار إلى ركيزة لدولته واستيعاب النخب القبلية في نظام الحكم، مما وفر له شرعية نسبية واستقرارًا داخليًا بعد حروب الفتنة.
وخلق نموذج أولي للدولة المركزية التي تتعايش مع البنى القبلية وتستثمرها، وهو نموذج استمر في الدولة الأموية بعدة أشكال وإرساء قاعدة عسكرية قوية اعتمدت بشكل أساسي على المقاتلين المنظمين قبليًا، مكنته من التوسع والدفاع عن حدود الدولة.
فتحولت القبائل في يد معاوية من كيانات مستقلة أو شبه مستقلة إلى أدوات في مشروعه السياسي الكبير ،فلقد فهم عمق التماسك والانقسام داخل المجتمع العربي، واستخدم هذه المعرفة ببراعة لا تُنكر لبناء دولة استمرت قرنًا من الزمان، ليصبح بذلك أحد أبرز مهندسي العلاقة بين القبيلة والسلطة في التاريخ الإسلامي. فكانت سياسته مزيجًا من الذكاء السياسي والبراغماتية الواقعية، تركت أثرًا عميقًا في مسار الحكم في العالم الإسلامي.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
21-07-2025 11:27 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |