19-07-2025 09:13 AM
بقلم : ابو سليمان الجغبير
لطالما كانت العاطفة الدينية إحدى أقوى محركات الرأي العام في المجتمعات العربية، ولا سيما في الأردن، الذي يتميّز بنسيجه الشعبي المتعاطف بصدقٍ وعمق مع قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. هذه العاطفة، للأسف، لم تسلم من محاولات الاستغلال السياسي، خاصة من جماعة الإخوان المسلمين المنحلة، التي سعت – ولا تزال – إلى توظيف الخطاب الإسلامي بوصفه وسيلة لتمرير أجنداتها وتحقيق أهدافها الخاصة.
فالجماعة، ومنذ تأسيسها، دأبت على تقديم نفسها كـ"وصيّ شرعي" على الدين، تتحدث باسمه وتدّعي حمايته، متجاوزة بذلك دورها كتنظيم سياسي إلى دور ديني مزعوم، لتضفي على تحركاتها طابعًا مقدّسًا يعفيها من المساءلة والمحاسبة. وقد مارست خطابًا مزدوجًا؛ فهي تتحدث بلغة الدعوة في العلن، وتدير تحالفاتها وتحركاتها بمنطق الصفقات في الخفاء.
ومن أبرز أدوات الجماعة في استدرار العاطفة الشعبية: اللعب على وتر القضية الفلسطينية، التي تُشكّل في الوجدان الأردني بُعدًا قوميًّا ودينيًّا وإنسانيًّا. فجعلت من هذه القضية مادةً دائمة للخطابات الحماسية والشعارات الرنانة، بينما كانت في الواقع تُوظّفها كورقة ضغط سياسي، وتستخدمها كغطاء لتغلغلها داخل مؤسسات المجتمع ودوائر التأثير، بهدف الوصول إلى مراكز القرار والسيطرة على مفاصل الدولة.
إن خطورة هذا النهج لا تكمن في مجرد استغلال الدين أو تبني القضايا العادلة، بل في تحويل هذه القيم السامية إلى أدوات تكتيكية تُستخدم متى شاءت الجماعة، وتُهمّش متى تعارضت مع مصالحها. وهو ما يجعل من الضروري وعي المجتمعات بهذه الأساليب، والتمييز بين الخطاب الديني الصادق، وبين من يتخذ من الدين مطيّةً لتحقيق مآربه.
فجماعة الإخوان المسلمين المنحلة، وإن اختلفت تسمياتها وتنوعت واجهاتها، تبقى مشروعًا سياسيًا يسعى خلف المقاعد والنفوذ، ويُخفي وراء شعاراته أهدافًا تتنافى مع المصلحة الوطنية، بل ومع مقاصد الدين ذاته.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
19-07-2025 09:13 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |