حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الجمعة ,5 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 16398

زيد الكعابنة يكتب : إنتقاء الكلام عبر وسائل الإعلام: عصر رقمي لايغفر الزلات

زيد الكعابنة يكتب : إنتقاء الكلام عبر وسائل الإعلام: عصر رقمي لايغفر الزلات

زيد الكعابنة يكتب : إنتقاء الكلام عبر وسائل الإعلام: عصر رقمي لايغفر الزلات

14-07-2025 02:10 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :
يقول المثل العربي : "رب كلمة تقول لصاحبها دعني"

هو تعبير يقال لمن يتفوه بكلام دون تفكير أو تقدير لعواقبه. يقال هذا المثل للإشارة إلى أن الكلمات قد تكون لها عواقب وخيمة إذا لم تُقال بحكمة وتُوزن قبل النطق بها

التنزّل إلى الذوق العام ومجاراة قلم العصر إذا هزُل، جورٌ على البيان العربي وخضُوع في غير محلّه وخاصة في المواقع الرسمية فكل كل كلمة محسوبة ،فالعرب قوم صنعتهم الكلام ، و‏من أمثَل ما جاء في الحث على تعلّم البيان وصيّة أعرابي لبعض بنيه، إذ قال : "يابني أصلحوا ألسنتكم، فإن الرجل تنوبه النائبة فيستعير من أخيه دابته وثوبه، ولا يجد من يُعيره لسانه"


يمثل الخطاب الرسمي للمسؤولين أداةً لتشكيل الواقع الاجتماعي والسياسي، حيث تُظهر بيانات معهد رويترز لأبحاث الإعلام (2024) أن 78% من الرأي العام في المجتمعات المعاصرة يُشكّل مواقفه بناءً على التصريحات الرسمية. هذا يفرض على المسؤولين مسؤولية ثلاثية الأبعاد: أخلاقية (ضمان الصدق)، استراتيجية (تحقيق الأهداف الوطنية)، واجتماعية (تعزيز التماسك).

كما تلعب وسائل الإعلام دورًا محوريًا في تشكيل الرأي العام وتوجيهه، وتُعد التصريحات الصادرة عن المسؤولين الحكوميين والرسميين من أبرز ما يُتداول ويؤثر في الجمهور. وفي عصر الانفتاح الإعلامي والتواصل الفوري، أصبح من الضروري أن يتحلى المسؤولون بالوعي الكامل لما يقولونه، لأن كل كلمة منهم تُحسب وتُفسر وقد تؤدي إلى عواقب سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية. لذا، فإن انتقاء الكلمات بدقة ووعي يُعدّ مسؤولية أخلاقية ومهنية لا يمكن التغاضي عنها ، كما يعتبر الإعلام كمنصة تأثير لا تغفر الزلات

فوسائل الإعلام لم تعد فقط وسيلة لنقل الأخبار، بل أصبحت أداة لصناعة المواقف والاتجاهات. ويُنظر إلى تصريحات المسؤولين على أنها رسائل رسمية تعبّر عن توجهات الدولة أو المؤسسة، ولذلك فإن أي خطأ لفظي، أو تعبير غير محسوب، قد يؤدي إلى أزمات داخلية أو خارجية. وفي هذا السياق، يصبح ضبط الخطاب الإعلامي ضرورة لا رفاهية.


كما يجب التفريق بين الرأي الشخصي والخطاب الرسمي:

فيقع بعض المسؤولين في خلط خطير بين التعبير عن آرائهم الشخصية وبين تمثيلهم للجهات الرسمية التي ينتمون إليها. وهذا الخلط قد يُحدث تضاربًا في الرسائل ويؤدي إلى إرباك الشارع أو إلى إستغلال سياسي أو إعلامي. يجب أن يكون المسؤول واعيًا بأنه حين يتحدث عبر الإعلام، فهو لا يمثل نفسه، بل يمثل منظومة بكاملها، ولهذا فإن كل عبارة يجب أن تخضع للتفكير والتدقيق.

فهناك مسؤولية أخلاقية وإعلامية تتطلب من الوظيفة العامة التزامًا أخلاقيًا في الخطاب، وهو ما يجب أن يُدرّس ويُدرّب عليه المسؤولون، من خلال:

دورات في الاتصال الإعلامي، وإعداد خطط للتعامل مع الأسئلة الحساسة ،والاستعانة بخبراء في الإعلام والسياسة عند إعداد التصريحات

إن المسؤولية في الخطاب الإعلامي ليست خيارًا بل واجب وطني، لأن الكلمة التي تُقال من فم مسؤول قد تبني جسورًا أو تهدم ثقة، وقد توحّد شعبًا أو تثير نزاعًا. لذلك فإن انتقاء الكلام ليس مسألة أسلوب، بل جوهر من صميم المسؤولية العامة، ويتطلب تدريبًا وتربية سياسية وإعلامية تراعي حساسية المرحلة ودقة الموقف.

وهذا ما أكده عالم الاجتماع الفرنسي (بيير بورديو): "الكلمات ليست أدوات توصيل المعنى فحسب، بل هي أدوات ممارسة السلطة". إن تطوير دستور لغوي للمسؤولين يمثل ضرورةً لحماية النسيج الاجتماعي في العصر الرقمي.








طباعة
  • المشاهدات: 16398
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-07-2025 02:10 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
كيف تقيم التعديل الوزاري الأخير الذي اجرته الحكومة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم