14-07-2025 09:21 AM
بقلم : د. خالد حسين العمري
الأكاديميات الرياضية الصيفية بين الطموح والإهمال، هل ننتظر الكارثة حتى نتحرك؟
بالأمس قررت زيارة ابني في ناديه الصيفي، وكم كان المشهدُ صادما، ثلاثة ملاعب أحدها مغطى بالعشب الصناعي، والملعبين الآخرين من الاسمنت والإسفلت، وعشرات الأطفال ومشرف واحد، مع أن إعلاناتهم عبر السوشال ميديا بصورها والكلمات المرافقة تُغري الجميع. نعم فمع حلول العطلة الصيفية، يندفع الآلاف من أولياء الأمور لتسجيل أبنائهم في الأكاديميات والنوادي الرياضية الصيفية، آملين أن يستثمر أطفالهم أوقاتهم في أنشطة مفيدة تبني أجسادهم وتنمي شخصياتهم. لكن الحقيقة المؤلمة التي لا يمكن تجاهلها، أن هذه الأكاديميات أصبحت في كثير من الأحيان بيئة محفوفة بالمخاطر بدلًا من أن تكون مساحات آمنة للنمو والتطور.
وسائل نقل أم شاحنات؟
أول ما يلفت الانتباه هو مشهد باصات النقل التي تقل الأطفال يوميًا إلى الأكاديميات والتي غالبها H100 المخصصة لنقل البضائع. عند التدقيق، نكتشف أن كثيرًا من هذه الباصات ليست مؤهلة لنقل البشر، بل تُستخدم أساسًا لنقل الأمتعة والمواد، وتفتقر لأبسط معايير السلامة والأمان. لا مقاعد مريحة، لا أحزمة أمان، ولا إشراف كافٍ. فهل ننتظر أن نسمع عن حادث مأساوي يودي بحياة أطفال أبرياء حتى تتحرك الجهات المعنية وتعيد النظر في تراخيص هذه الوسائل؟
ملاعب من إسمنت... ودم؟
في داخل الأكاديميات، نكتشف أن الملاعب – التي من المفترض أن تكون بيئة آمنة ومناسبة لممارسة الرياضة – مُنشئة في الغالب من الإسمنت أو الأسفلت القاسي. سقوط طفل واحد على هذه الأرضيات قد يؤدي إلى كسور أو جروح خطيرة. أي منطق هذا؟ وأين شروط السلامة التي من المفترض أن ترافق كل منشأة رياضية تحتضن الأطفال؟
اكتظاظ بلا متابعة
ظاهرة أخرى لا تقل خطورة هي الاكتظاظ. فعدد المشاركين غالبًا ما يتجاوز الطاقة الاستيعابية للمكان وللأجهزة المتوفرة، بل وحتى للكوادر الفنية. لا مدربين كفاية، ولا مشرفين، ولا إشراف طبي أو إسعافات أولية. النتيجة؟ أطفال يتحركون بلا متابعة، يلعبون بلا توجيه، ويقعون في إصابات بلا علاج فوري.
غياب الرقابة: صمت مريب!
ربما الأخطر من كل ذلك هو غياب الجهات الرقابية. أين وزارة التربية والتعليم؟ أين وزارة الشباب؟ أين البلديات؟ أين الدفاع المدني؟ هل ننتظر وقوع كارثة في أحد الباصات، أو وفاة طفل في ملعب مهمل، حتى نفيق من غفلتنا ونبدأ بالمحاسبة؟ إن صمت الجهات المعنية أمام هذا الواقع لا يُبرر، بل يُدان، ويطرح أسئلة كبيرة عن مستوى الجدية في حماية أطفالنا.
ختاما لا نريد أن نبكي بعد فوات الأوان
الأكاديميات الرياضية الصيفية مشروع نبيل من حيث المبدأ، لكن حين يتحول إلى استغلال مادي وإهمال في الأمن والسلامة، فإنه يصبح عبئًا على المجتمع بدلًا من أن يكون متنفسًا له. نطالب الجهات المختصة بإجراء مراجعة شاملة وفورية لهذه الأكاديميات، من حيث وسائل النقل، تجهيزات الملاعب، عدد المشاركين، وتوافر الكوادر المؤهلة. لا نريد أن نكتب في الغد نعيًا لطفل ذهب ليلعب فعاد جثة هامدة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-07-2025 09:21 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |