حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,16 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 8186

آية محمود رزق تكتب: حين تذبح البراءة: جريمة طفلة وغياب البيت

آية محمود رزق تكتب: حين تذبح البراءة: جريمة طفلة وغياب البيت

آية محمود رزق تكتب: حين تذبح البراءة: جريمة طفلة وغياب البيت

14-07-2025 09:54 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : آية محمود رزق
طفلة عمرها سبع سنوات، لم تزل تتعلم حروف اللغة الأولى، أمسكت سكينًا في جوف الليل، تسللت من بيت نائم لا يسمع، خرجت تبحث عن هدف، لا لعبًا ولا هروبًا، بل ذهبت إلى قطة صغيرة، مسكينة لا تدري ما ينتظرها، ذبحتها، وخلعت لسانها، وكسرت أسنانها، وسحقتها بقدمها، والدماء غمرت المكان، وأخوها الأصغر يشهد على مأساة لا يملك لها تفسيرًا

هل هذه قصة خيالية؟ هل هي من مشاهد فيلم رعب؟ لا، بل هي قصة حقيقية تمامًا، لا رواها كاتب مهووس، بل سردتها جدة الطفلة التي فزعت من سلوك حفيدتها وطلبت تفسيرًا، بل واستغاثة

فماذا يحدث لطفلة كي تفقد ملامح الرحمة في هذا السن؟ ما الذي يجعل البراءة تتحول إلى سادية؟ ومن المسؤول؟ أهو الإهمال؟ أم الانعزال؟ أم الفراغ؟ أم فقدان الحنان؟ أم شيء أعمق من ذلك كله؟

عندما نقترب من حياة هذه الطفلة نجد أمًّا تعمل ليلًا، تترك ابنتها وابنها الصغير حبيسي جدران شقة، لا دفء فيها سوى ضوء الشاشات، لا صوت فيها إلا الصمت، لا حضن، لا تواصل، لا حكاية قبل النوم، لا وجود حقيقي للأم أو الأب. فقط الغياب

وهنا نبدأ تحليل السلوك، هذا الفعل لا يأتي من طفلة نالت احتواءً، ولا من بيت غمرها بالحب، بل من بيئة باردة ميتة لا ترى فيها الطفلة إلا قسوة العالم حولها، فتختزنها وتعيد تمثيلها على أول مخلوق أضعف منها. القطة هنا لم تكن ضحية عابرة، بل كانت إسقاطًا لضعف الطفلة أمام الحياة، لغيظها المكبوت، لخوفها، لحاجتها للصوت، لأي انتباه

وفي علم النفس يسمى هذا “التفريغ الإسقاطي”، حين يعجز الطفل عن التعبير عن غضبه، فيُفرغه في كائن لا يستطيع المقاومة. لكن هناك ما هو أعمق، قد تكون الطفلة تعاني اضطرابًا نفسيًا حادًا، مثل اضطراب التعلق أو بدايات السايكوباثي، أو تعرضت هي نفسها لإيذاء صامت – إهمال جسيم، أو مشاهدة عنف منزلي، أو محتوى إلكتروني مليء بالقتل والدم، أو حتى التحرش

كذلك لا يمكن تجاهل البيئة الحسية الملوثة التي تملأ مخ الأطفال اليوم. فيديوهات اليوتيوب التي تصور “ألعاب جراحة” ودماء مرسومة، أو ألعاب إلكترونية تحوّل القتل إلى مكافأة. أين الرقابة؟ أين الأم التي تسمح لأطفالها أن يعيشوا وحدهم ليلًا؟ هل صار السعي خلف المال مبررًا لتدمير جيل كامل؟

نحن أمام جرس إنذار حقيقي، لأن هذه الطفلة في سنواتها القادمة قد تعيد التجربة لكن على طفل مثلها، أو تصبح قاتلة مستقبلية دون أن يدرك أحد حجم الكارثة حتى تقع. فالقتل لا يبدأ بسكين، بل بإهمال طويل، وبوحدة باردة، وبطفل لا يجد من يسمعه

ما الحل؟
أولًا: عرض الطفلة فورًا على طبيب نفسي متخصص في سلوكيات الطفولة، وفتح ملف تقييم شامل لسلوكها وماضيها ومحيطها
ثانيًا: حماية الطفل من العزلة القسرية، لا يترك الطفل وحده في الليل بلا رقابة، فهذا ليس توفيرًا للمال، بل جريمة إهمال تستوجب العقاب
ثالثًا: فتح حوار إنساني عميق مع الطفلة، لا بالصراخ ولا بالتخويف، بل بالفهم، واحتوائها دون تجريم
رابعًا: التحقيق في محتوى الشاشات الذي تتعرض له، هل تشاهد فيديوهات مرعبة؟ هل تقلد شيئًا؟
خامسًا: على الجدة التي طرقت بابنا أن تطلب تدخل جهات حماية الطفل، فالأسرة هنا أصبحت بيئة خطر

ويبقى السؤال الموجع: كم طفلًا مثلها بين جدران هذا المجتمع، يسكنه الغضب، ولا يدري أحد؟ كم قطة ستموت قبل أن ننتبه أن أرواحنا الصغيرة تُقتل في صمت؟
طفلتنا لا تحتاج العقاب فقط، بل تحتاج الخلاص
الخلاص من عالم فقد فيه الأطفال الحق في الحب
الحق في اللعب
الحق في أن يكونوا أطفالًا فقط لا أكثر











طباعة
  • المشاهدات: 8186
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-07-2025 09:54 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم