13-07-2025 06:13 PM
بقلم : زياد فرحان المجالي
الحلقة الأولى
نزع السلاح… التاريخ لا يرحم من ألقى سلاحه
في ساحات النضال، لسنا مؤهلين للحكم على أي قرار تتخذه حركات المقاومة، ولسنا شركاء في قرارها، بل نحن متفرجون. لا نملك إلا الدعاء والتشجيع، تمامًا كحال الجماهير في لحظات مفصلية، حين تقف الشعوب بين خيارين: المقاومة أو الخضوع.
لكن التاريخ لا يرحم، ويخزن بين صفحاته مشاهد كثيرة لشعوب ألقت سلاحها ظنًا أن العدو سيكفّ عن القتل، فاكتشفت متأخرة أن التنازل لا يوقف المجازر، بل يفتح شهيّة المحتل للمزيد.
من سلاح الثورة إلى سلاح الذل
يطلب الاحتلال اليوم من المقاومة أن تُلقي سلاحها. يريد أن يوقف الحرب بشروط المنتصر، فيما لم ينتصر. لم يدخل غزة، ولم يحرر أسراه، ولم يكسر عزيمة الناس رغم المجازر. يريد أن ينتزع من يدها آخر ما تبقى لها… أن تُسلّم سلاحها مقابل وعودٍ لن تتحقق، واتفاقيات لن تُنفذ، وتسهيلات مشروطة بالإذلال.
وليس الأمر جديدًا؛ في تجارب تاريخية كثيرة، كُتب على الحركات الثورية أن تُحاصر بشعار "نزع السلاح" بعد كل صمود أسطوري. وفي كل مرة، كان العدو يعرض "العيش الكريم" مقابل التخلّي عن "الموت الكريم"، ولاحقًا… لا يبقى لا هذا ولا ذاك.
نزع السلاح… بداية النهايات
حين يُطلب من المقاومة تسليم سلاحها، يُطلب منها أن تتخلى عن هوّيتها، عن سبب وجودها، وعن توازن الرعب الذي يردع الاحتلال.
فالمقاومة لا تملك طائرات إف-35 ولا حاملة طائرات. كل ما لديها هو "كلمة الحق" وصاروخ يُطلق متى أراد أصحاب الأرض أن يُذكّروا العالم بأنهم لم ينسَوا، ولم يتنازلوا، ولن يركعوا.
نزع السلاح اليوم هو وصفة للموت البطيء. ليس لأنه يُضعف المقاومة فقط، بل لأنه يمنح العدو إحساسًا بالنصر، ويعطي العالم مبررًا لنسيان القضية.
بين القرار والقدر
قد تتخذ المقاومة قرارًا تكتيكيًا بالخروج من غزة تحت وقع المجازر والضغط الدولي والعربي، أو بحسابات داخلية تُدركها قيادتها. لكن حتى هذا القرار، يجب ألا يُقدّم كتنازل مجاني.
الخروج من غزة، إن كان حتميًا، فيجب أن يكون "خروج المنتصر" لا "هروب المهزوم". ويجب أن يُبقي خلفه رسالة واضحة: أن البندقية لن تُسقط من اليد، حتى وإن تغيّرت الجغرافيا.
القيادة والسلاح… والذاكرة
فإذا كانت بعض الحسابات ترى في الخروج خيارًا تكتيكيًا، فإن الوعي الحقيقي يُدرك أن الخروج من غزة، تحت أي ظرف، هو انكسار لا تحتمله الذاكرة الوطنية. المقاومة لا تخرج… لأنها إن خرجت، خَرج معها السلاح، وخرج معها المعنى، وبدأت نهاية الحكاية.
غزة ليست جغرافيا فقط، بل روح المعركة ومهد الفكرة، وخروج المقاومة منها يعني خنق الروح قبل الجسد. والمقاومة التي تُجبر على مغادرة أرضها، لن تجد لها أرضًا أخرى تحميها من النسيان أو تُنبت البندقية من جديد.
من هنا، فإن البقاء في غزة ليس قرارًا سياسيًا فقط، بل هو قرار وجودي، هو دفاع عن الكرامة، واستمرار للرسالة، ورفض لأن تتحول البنادق إلى تماثيل أو تذكارات في متاحف الهزيمة.
وإن كانت بعض القيادات اليوم تقود معركتها من خارج غزة، فإن الروح ما زالت في الداخل، والسلاح ما زال في قبضة المقاومين، والمقاومة باقية على أرضها… والله يلهم قادتها الصواب، كما ألهمهم الصمود والثبات أمام جحافل العالم وأسلحته الفتاكة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-07-2025 06:13 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |