13-07-2025 10:46 AM
بقلم : عبد الله طعيمات
ليست الجامعة الأردنية مجرد مبنى من حجارة وزجاج، بل هي ذاكرة وطن، وعنوان مرحلة، ومؤسسة ضاربة جذورها في عمق التاريخ الأكاديمي الأردني والعربي. فمنذ تأسيسها في عام 1962، كانت هذه الجامعة منارة علم، وبيتًا لصناعة العقول وتشكيل القيادات، وموطنًا للأبحاث والدراسات التي أسهمت في دفع عجلة التنمية الوطنية على مدى ستة عقود.
لكننا، ومع الأسف، نشهد اليوم حملة تستهدف هذه المؤسسة العريقة، وتعمل على تشويه صورتها، عبر الطعن في سمعتها البحثية، والتشكيك في قيمة إنتاجها العلمي. وكأن الإساءة إلى الجامعة الأردنية أصبحت "موسمًا" لبعض الأصوات الباحثة عن العناوين الرنانة، حتى وإن كانت على حساب الوطن.
إنّ التشكيك في الجامعة الأردنية ليس مجرد نقد لمؤسسة تعليمية، بل هو تشكيك بالعلم نفسه، وبجهود آلاف الباحثين والأساتذة الذين أفنوا أعمارهم في مختبرات البحث، وقاعات المحاضرات، وصفحات الكتب. هو طعنٌ في كل إنجاز أكاديمي حققته الجامعة، وفي كل طالب خرج من أبوابها ليبني وطنًا، أو ينير طريقًا في مكانٍ آخر من العالم.
لقد كان للجامعة الأردنية الدور الأكبر في تكوين البنية التحتية الأكاديمية والفكرية للدولة الأردنية. منها تخرّج الوزراء، والقضاة، والأطباء، والمهندسون، والمعلّمون، ومنها انطلقت مئات الأبحاث التي تناولت قضايا المياه والطاقة والبيئة والتعليم والصحة، وشكّلت مرجعًا لصناع القرار والمجتمع.
وعلى صعيد البحث العلمي، لا يمكن إنكار أنّ الجامعة الأردنية قدّمت، ولا تزال، إنتاجًا علميًا غزيرًا ونوعيًا. وهي التي احتلت مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية، وسجّلت براءات اختراع، وشاركت في مؤتمرات دولية مرموقة، واحتضنت مجلات علمية محكّمة معترف بها. فكيف يُعقل أن تتحوّل فجأة إلى "مركز تضليل علمي" كما يدّعي البعض؟!
الجامعة الأردنية ليست مجرد صرح جامعي، بل هي منارة ثقافية وهوية أكاديمية. إنّ المساس بها هو مساس بتاريخ التعليم في الأردن، ومحاولة لهدم أعمدة التعليم في الأردن. وعلى من يحب هذا الوطن بحق، أن ينهض للدفاع عن جامعاته ومؤسساته، لا أن يُشارك، بقصد أو بغير قصد، في هدمها معنويًا.
ستظل الجامعة الأردنية صامدة أمام الريح، كما عهدناها، تحمل رسالة العلم والمعرفة، وتفتح أبوابها للباحثين عن النور في زمن الظلال. وستبقى، رغم كل الحملات، شاهدة على أنّ في الأردن جامعات تُشبه الوطن: ثابتة، وأصيلة، وعصية على الانكسار.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-07-2025 10:46 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |