حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,1 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6175

د. محمد العزام يكتب: قرار الدوام المدرسي المبكر .. بين التجاهل وعبء المواطن

د. محمد العزام يكتب: قرار الدوام المدرسي المبكر .. بين التجاهل وعبء المواطن

د. محمد العزام يكتب: قرار الدوام المدرسي المبكر ..  بين التجاهل وعبء المواطن

30-06-2025 08:39 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور محمد خالد العزام
يعود المشهد ذاته بلا كلل مع إطلالة كل عام دراسي جديد: قرارٌ إداريٌّ جافٌّ يَختِمُ على الثامن عشر من آب موعداً لانطلاق دوام المدارس الحكومية.
رَقْمٌ في التقويم يبدو بريئاً، لكنه يتحول، لدى ملامسة واقع العائلات، إلى صخرةٍ تُعيقُ أنفاسَ الأهالي وتُثقل كواهلَهم. في هذا التوقيت المُبكّر المُتكرر، يطفو سؤالٌ لاذعٌ يثقب صمتَ المسؤولين: أين بصيرةُ التخطيط؟ وأين رحمةُ مراعاةِ الظروف؟
ومما لا شك فيه أن واقع أغلب الأردنيين ، فالشمس لا تغطى بالغربال ولا يخفى على أحد الوضع الاقتصادي الصعب الذي تخنق أنفاسه الأسر، حيث أصبح انتظار نهاية الشهر واستلام الراتب هو الشريان الوحيد لسد أبسط الحاجات، ومن بينها على رأس القائمة تجهيز الأبناء للدراسة فتلك أمورٌ لا تقبل التأجيل مع بدء الدراسة، لكن القدرة عليها تتأجل حتماً حتى صباح يوم الراتب. فكيف يُعقل، بل كيف يُتصور، أن تُقرر الوزارة بدء دوام فعلي ونشاط تعليمي قبل هذا الموعد بأسبوع كامل؟ أليس هذا هو التجاهل بعينه لواقع الناس وهمومهم اليومية؟ أليست هذه سياسة تزيد من الضغوط المالية والنفسية المتراكمة على كاهل الأسر، بدلاً من أن تسعى لتخفيفها؟
ولعل التاريخ المبكر ليس المشكلة الوحيدة، بل هو حلقة في سلسلة متكررة من سوء التخطيط أو عدم مراعاة السياق العملي.
ونجد ذلك الأمر ونلمسه من خلال واقعنا الاجتماعي وتتبع وسائل التواصل الاجتماعي ، حيث نشاهد ونسمع كل عام الشكاوى نفسها: دوام يبدأ قبل اكتمال توزيع الكتب المدرسية، ، وأهالٍ مُثقلين بالقلق والتساؤل عن كيفية توفير المستحيل قبل أوانه ، إنه سيناريو مألوف و مُتعب بنفس الوقت، ومُستفز في تكراره الدوري.

وهنا يطرح السؤال نفسه بقوةٍ أكبر: ما الضير؟ وما الخطر الذي يحدق بالعملية التعليمية لو تأجل الدوام أسبوعاً واحداً فقط؟ هل سينهار البناء التعليمي؟ الواقع يجيب بالنفي القاطع أسبوعٌ واحد، يبدأ بعد استلام الناس لرواتبهم، سيُتيح للأهالي فرصة حقيقية، ولو محدودة، لشراء المستلزمات الضرورية لأبنائهم دون ذل السؤال أو رهن الحاجة ، أسبوعٌ واحد قد يسمح للمدارس باستكمال استعداداتها وتوزيع الكتب بشكلٍ منظم. أسبوعٌ واحد سيرفع عن كاهل الأسر عبئاً نفسياً هائلاً في توقيت بالغ الحساسية.
فالمنطق البسيط، بل والأخلاقي والتربوي، يقول إن الدوام الفعلي يجب أن يبدأ بعد توفير الحد الأدنى من مستلزماته للطلاب، لا قبله.
المنطق يقول إن وزارةً تُعنى بتربية الأجيال يجب أن تكون أول من يراعي الظروف الاقتصادية الخانقة التي يعيشها المجتمع الذي تخدمه، لا أن تضغط عليه بحجج إدارية جامدة تبدو غير مقنعة، بل ومُستفزة في ظل هذا الواقع.

لذا، نطالب وزارة التربية والتعليم من خلال النداء المتكرر، والذي يُعبّر عن صدى جماعي يتردد في كل بيت ، نرجو مراجعة هذا القرار، والإصغاء لصوت العقل وصوت الناس ، نرجو احترام ظروف أولياء الأمور الذين لا يحتاجون إلى هَمٍّ جديد يُضاف إلى أعبائهم اليومية الثقيلة.
إن تأخير الدوام أسبوعاً واحداً ليس تنازلاً عن مبدأ، بل هو خطوة نحو مبدأ أكبر: مبدأ التكافل الاجتماعي، ومراعاة الإنسان، والبدء الفعلي للتعليم في ظروف تليق بالطلاب وأسرهم ، هذا ما تنادي به الحكمة، وهذا ما تؤكده حتى توصيات مجلس النواب. فهل من مُستجيب؟ أم أننا سنشهد تكراراً محتوماً للمشهد نفسه العام القادم؟ السكوت ليس جواباً، والتأخير أسبوع قد يُصلح الكثير.
بقلم الدكتور محمد خالد العزام











طباعة
  • المشاهدات: 6175
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
30-06-2025 08:39 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم