حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,30 يونيو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3917

الالتباس العاطفي .. كيف يتأثر الأبناء بآبائهم النرجسيين؟

الالتباس العاطفي .. كيف يتأثر الأبناء بآبائهم النرجسيين؟

الالتباس العاطفي ..  كيف يتأثر الأبناء بآبائهم النرجسيين؟

30-06-2025 01:18 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - قد يبدو الوالد النرجسي أمام المجتمع شخصية جذابة، وناجحة، وربما معطاءة، إلا أن ما يُخفيه هذا المظهر من واقع عاطفي يعيشه الأبناء غالبًا ما يكون مختلفًا تمامًا، فقد يواجه كثير منهم سنوات طويلة من الالتباس العاطفي، والتقليل من الذات، وصراعات داخلية يصعب تسميتها.


ووفقًا لخبراء الصحة النفسية، فإن النشأة في كنف والد يعاني من اضطراب الشخصية النرجسية، حتى دون تشخيص رسمي، يمكن أن تخلّف تأثيرات نفسية دائمة على الأبناء، تطال علاقاتهم، وتقديرهم لذاتهم، وحتى فهمهم لهويتهم.

وبحسب تقرير نشره موقع ”هافنغتون بوست“، يتمثل اضطراب الشخصية النرجسية، كما يصفه الاختصاصيون، في شعور مبالغ فيه بالأهمية الذاتية، وافتقار للتعاطف، واعتماد مفرط على التقدير الخارجي لتثبيت الثقة بالنفس. 


اكتشاف صلة غير متوقعة بين القلق الاجتماعي والنرجسية

 ومع أن هذا الاضطراب يُشخّص طبيًا بنسبة ضئيلة، إلا أن سماته تظهر في سلوكيات عدد كبير من الآباء والأمهات، ما يضع أبناءهم أمام تحديات نفسية تبدأ في الطفولة ولا تنتهي بانتهاء العلاقة الأسرية.

وتشير الخبيرة النفسية ويندي بيهاري، مؤلفة كتاب نزع سلاح النرجسي، إلى أن بعض العلامات النفسية التي يحملها أبناء النرجسيين قد لا تكون واضحة لهم في البداية، لكن إدراك جذورها يساعد في البدء بالتعافي. 

ويوافقها الرأي الباحث النفسي كريغ مالكين، مؤلف إعادة التفكير في النرجسية، الذي يرى أن البقاء لأوقات طويلة في ظل والد نرجسي يخلق بيئة مشوّشة تؤثر في تصورات الفرد لنفسه وللعلاقات.

احتياجات مُهمَلة وهوية غير مكتملة
أحد أبرز الأعراض المشتركة بين أبناء النرجسيين هو عجزهم عن التعبير عن احتياجاتهم الشخصية أو الاعتقاد بأنها تستحق التقدير. ينشأ كثير منهم على قناعة أن الاهتمام بالنفس سلوك أناني. ويؤدي هذا إلى نمط مزمن من إرضاء الآخرين على حساب الذات، ما يولّد علاقات غير متوازنة يندر فيها تبادل الرعاية.

وبحسب بيهاري، فإن هؤلاء يواجهون صعوبة في التصريح بعبارات مثل: "أنا أستحق"، لأنهم تربّوا على قمع الذات. وتُعد هذه بداية شائعة لما يُعرف بـ"الشعور المزمن بانعدام القيمة.“

الخوف من تكرار النمط
من المفارقات النفسية التي تظهر لاحقًا أن بعض الأبناء الذين رفضوا سلوك آبائهم النرجسيين يخشون أن يكونوا قد ورثوا هذه الصفات عنهم. وفي كثير من الحالات، يتبنى الطفل سلوكيات دفاعية تشبه تلك التي مارسها الوالد، مثل السيطرة أو الانسحاب العاطفي، كوسيلة للحماية، لتتحول لاحقًا إلى نمط دائم يصعب تغييره.

ويشير مالكين إلى أن العلاج النفسي في هذه الحالة لا يهدف فقط إلى فهم الماضي، بل إلى بناء علاقة جديدة مع المشاعر والتجارب الذاتية، قائمة على الصدق والتسامح مع الذات.

إخوة لا يجمعهم إلا الجفاء
داخل الأسرة النرجسية، غالبًا ما يتم توزيع أدوار غير عادلة بين الإخوة: أحدهم يُقدَّم كنموذج للتفوّق، فيما يُحمَّل الآخر مسؤولية كل الفشل. هذا التوزيع يولّد منافسة وعداوة يصعب تجاوزها حتى في سن الرشد.

لكن، كما توضح بيهاري، فإن إدراك أن هذه الأدوار فُرضت من الخارج ولم تكن نابعة من الإخوة أنفسهم، يمكن أن يشكّل نقطة انطلاق للمصالحة، أو على الأقل لفهم أسباب الانفصال العاطفي.

شراكة غير متكافئة
في حالات أخرى، لا يكون الوالد النرجسي متسلّطًا، بل محتاجًا ومضطربًا عاطفيًا. ويضطر الأبناء حينها للقيام بدور "الشريك العاطفي"، حاملين عبء تهدئة الانفعالات، أو حل النزاعات الأسرية، ما يحرمهم من طفولة طبيعية.

وتقول بيهاري إن كثيرًا من هؤلاء الأطفال "يُعيدون هيكلة حياتهم بالكامل حول استقرار أحد الوالدين، متنازلين عن مشاعرهم وأحلامهم الشخصية".

الإنجاز كشرط للحب
من السمات المتكررة أيضًا أن أبناء النرجسيين يربطون قيمتهم الذاتية بالإنجاز فقط. في بيئة يُقدَّر فيها الطفل عندما يحقق نجاحًا فقط، يتحوّل الإنجاز إلى وسيلة يائسة لطلب الحب.

ويرى المختصون أن هذا النوع من التربية يولّد أفرادًا يعانون من الكمالية، والقلق المزمن، والتشكيك الدائم في الذات، حتى عندما يحققون أعلى درجات النجاح.

فقدان البوصلة الداخلية
في بعض البيوت النرجسية، يُعامل الأبناء كـ"امتداد للأنا" وليسوا كأشخاص مستقلين. ويؤدي ذلك إلى فقدان الإحساس بالهوية الشخصية، والرغبات الذاتية، وحتى التوجه المهني أو العاطفي.

وتقول بيهاري إن بعض عملائها يعبّرون عن ذلك بقولهم: "لا أعرف من أنا". وهذا أمر شائع عندما يُشكَّل الطفل ليعكس رغبات والده، لا كي يكون شخصًا مستقلًا.

في هذه الحالات، يرى مالكين أن تقليل التواصل مع الوالد، أو حتى قطعه بالكامل، قد يكون ضروريًا إذا استمرت أنماط الإساءة أو الإنكار أو الاستغلال. ويوضّح: "الإساءة مسؤولية كاملة تقع على المسيء. وإذا لم يتغير، فإن العلاقة لا يمكن أن تكون آمنة".

خطوات نحو الشفاء
رغم أن آثار النرجسية الأبوية قد تستمر مدى الحياة، يؤكد الخبراء أن فهم طبيعة تلك العلاقة هو البداية الحقيقية للتعافي. وتساعد الخطوات العلاجية، مثل التعليم الذاتي، والعلاج النفسي المتخصص، ووضع الحدود، في بناء شخصية أكثر توازنًا واستقلالية.

تختصر بيهاري طريق الشفاء بعبارة بسيطة: "المسألة كلها في أن تستعيد الأجزاء التي فقدتها من نفسك، وتمنحها الحياة من جديد".








طباعة
  • المشاهدات: 3917
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
30-06-2025 01:18 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم